مستقبل بريطانيا على محكّ الانتخابات العامة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يصوّر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون نفسه على أنه وزير الاتحاد ويقود حزب المحافظين والاتحاديين البريطاني، إلا أنه سمع تحذيراً من السياسيين القوميين يقول إنه في حال فوزه في الانتخابات العامة ومضيّه في إتمام البريكسيت، فإن مستقبل المملكة المتحدة سيكون على المحك.

وأشار رؤساء وزراء سابقون إلى أن سياسة جونسون حيال البريكسيت قد تقوّض تماسك المملكة المتحدة، التي يحلو له تسميته بالأربعة الرائعة.

وتشير وزيرة اسكتلندا الأولى نيكولا ستيرجون إلى معارضة الأمة لبريكسيت كمبرر لاستفتاء استقلال جديد وهي تضغط باتجاه التصويت عام 2020 أو ربما العام الذي يليه في حال حقق حزبها، الحزب القومي الإسكتلندي الفوز في الانتخابات لبرلمان إدنبره عام 2021.

وقد وضع اتفاق الانسحاب من الاتحاد الأوروبي حدوداً تجارية بين أيرلندا الشمالية وبريطانيا، وأشعل فتيل مطالب القوميين الأيرلنديين المعارضين للبريكست لإجراء استفتاء على وحدة الجزيرة الإيرلندية.

ويشعر كبار المحافظين بالقلق اليوم إزاء رسم جماعة من أعضاء البرلمان من الحزب المحافظ مساراً جديداً بالكامل لبريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي، على الرغم من تصويت أيرلندا وأسكتلندا على البقاء في استفتاء البريكست عام 2016.

وفي الإطار، قال رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، جون مايجور: «لا يسعني تخيّل أي جيل سابق من المحافظين يعرض الاتحاد للخطر على النحو الذي يحصل اليوم».

واستعانت رئيسة الحكومة البريطانية السابقة تيريزا ماي، بواحد من خطاباتها الأخيرة كرئيسة للوزراء لحضّ الرئيس التالي على حماية المملكة المتحدة، قائلةً إن الخروج بلا اتفاق، يعني أن البريكست ستكون عواقبه سلبية على الاتحاد.

وتواجه بريطانيا، بموجب اتفاق جونسون للانسحاب خطر التعرض لأزمة اقتصادية إذا ما غادرت الاتحاد الأوروبي مع نهاية الفترة الانتقالية المقترحة للبريكسيت من دون اتفاق تجاري مع التكتل والامتثال لشروط منظمة التجارة العالمية.

وأشار غوردون براون، رئيس الوزراء البريطاني العمالي الأسبق في يونيو الماضي إلى أن الاتحاد أمام «خطر قاتل، ويواجه مخاطر اليوم أكثر من أي وقت مضى» في ظل تصعيد القوميين الأسكتلنديين حدة مطالبهم بالاستقلال في خضمّ الاضطراب اللصيق بالبريكسيت.

ولا تشكل الحساسية حيال اتحاد المملكة نقطة جوهرية بالنسبة لسياسة جونسون حيال البريكسيت، إذ يبدو أنه يضع مغادرة الاتحاد الأوروبي فوق كل اعتبار.

وأكدت نتائج استطلاع أجرته شركة «يوغوف» الدولية على الإنترنت المتخصصة بأبحاث السوق في يونيو الماضي مخاوف البعض في الدول المكوّنة للمملكة المتحدة من أن المحافظين قد أصبحوا حزباً من القوميين الإنكليز غير الآبهين بمصير الاتحاد.

وكشف الاستطلاع أن 63% من أعضاء الحزب وغالبيتهم من الإنجليز، سيشعرون بالسعادة لاستقلال أسكتلندا كثمن للبريكسيت. أما الحزب القومي الأسكتلندي المعارض للبريكسيت، الذي فاز بـ 35 من مقاعد وستمنستر في انتخابات عام 2017 العامة، فأشار إلى أنه إذا فاز الحزب شمال الحدود بعد 12 ديسمبر فإن ذلك سيكون «مؤشراً من قبل الشعب الأسكتلندي» حول ضرورة إجراء استفتاء الاستقلال العام المقبل.

وتشدد ستيرجون على أن البرلمان المعلق حيث يسعى حزب العمال إلى تشكيل حكومة أقلية، كان على جيريمي كوبين زعيم الحزب الموافقة على إجراء استفتاء الاستقلال كثمن لدعمها في وستمنستر. وقد أوضح كوربين بعد الكثير من التردد حيال المسألة أنه لن يصادق على الاستفتاء في أول عامين من إنشاء حكومة عمالية، إلا أنه لم يستبعد حصول ذلك كلياً فيما بعد.

ويسعى المحافظون للظهور على أنهم المدافعون الذين لا بديل لهم عن اتحاد المملكة، في ظل إشارة زعيم حزب المحافظين الأسكتلندي جاكسون كارلو بأنهم سيرفضون أي مطلب لإجراء الاستفتاء حتى 2050 على الأقل.

إلا أن مثل ذلك الموقف ينطوي على الكثير من المخاطر، فأسكتلندا قد صوتت 62 مقابل 38% رفضاً للبريكسيت عام 2016، وإن أي ضرر اقتصادي ناجم عن مغادرة الاتحاد الأوروبي، قد يضاعف امتعاض الأسكتلنديين من سياسة المملكة المتحدة.

ويعتقد بعض القوميين الإيرلنديين أن اتفاق جونسون المتعلق بالبريكسيت الذي يقترح أن تخضع أيرلندا الشمالية للقوانين الجمركية للاتحاد الأوروبي وشروط السوق الواحدة للتكتل على السلع، قد ضاعف من فرص إجراء استفتاء على توحيد الجزيرة الأيرلندية.

وفي السياق، أشار كولوم إيستوود، زعيم الحزب الاشتراكي العمالي القومي المعتدل، إلى أن عملية البريكسيت الفوضوية قد فعّلت الحديث عن أيرلندا متحدة. وكان الأيرلنديون قد أدلوا بأصواتهم 56 مقابل 44% ضد البريكسيت في استفتاء عام 2016.

* محرر في صحيفة «فايننشيال تايمز»

 

Email