رسالة سلام من مصر إلى العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

انعقد المنتدى الثالث لشباب العالم في شرم الشيخ الذي يضم أكثر من 5 آلاف مشارك من 196 دولة من مختلف قارات العالم ليكون هو الحدث الشبابي الأضخم والأكبر على مستوى العالم، والذي تحول إلى منصة شبابية دولية للحوار وتبادل الثقافات.انطلقت فكرة منتدى شباب العالم في أبريل 2017، حينما قدم مجموعة من الشباب المشارك في المؤتمر الوطني للشباب الذي عقد في محافظة الإسماعيلية آنذاك مبادرة للانخراط في حوار مع شباب العالم، وتحول الحلم إلى حقيقة بعد 4 أشهر تقريباً، حينما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي في يوليو 2017 في أثناء انعقاد المؤتمر الوطني للشباب في الإسكندرية تبنيه لتلك المبادرة الشبابية، وإطلاق منتدى شباب العالم في شرم الشيخ، ليكون منصة شبابية عالمية في شرم الشيخ يعقد مرة كل عام لكل شباب العالم.

منتدى الشباب هذا العام في نسخته الثالثة، يأتي في ظروف محلية ودولية مختلفة، فقد استطاعت مصر بعد 3 سنوات صعبة من انطلاق قطار الإصلاح الاقتصادي أن تتجاوز «عنق الزجاجة» في خارطة الإصلاح الاقتصادي، ولأول مرة منذ سنوات طويلة بدأ الجنيه يستعيد بعض توازنه أمام الدولار ليسجل ارتفاعاً ملحوظاً ومستمراً أمام الدولار، ويخسر الدولار أكثر من جنيهين من قيمته، في وقت ارتفعت فيه حصيلة الاحتياطي النقدي لتكسر حاجز الـ45 مليار دولار لأول مرة في تاريخ الاحتياطيات النقدية.

نتج ذلك عن زيادة تدفقات النقد الأجنبي، وارتفاع حصيلة تحويلات المصريين بالخارج، وزيادة عوائد السياحة، وارتفاع معدلات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، وانعكس ذلك على انخفاض معدلات البطالة، وتراجع أسعار بعض السلع مثل السلع الغذائية، والأجهزة الكهربائية، والسيارات، والعقارات.

على الجانب الآخر، فقد نجحت مصر في توجيه العديد من الضربات القاتلة إلى الجماعات الإرهابية، وبعد أن كانت تلك الجماعات تنشر خرابها في كل ربوع الدولة المصرية؛ تم القضاء على معظم تلك الجماعات، ولم تعد سوى مجموعة من الذئاب المنفردة اليائسة التي تم تجفيف منابع تمويلها، وضرب كل أوكارها، وتنظيف الخريطة المصرية من «دنسها».

لعبت العملية الشاملة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في فبراير 2018 الدور الرئيسي في تغيير الوقائع على الأرض، وأصبحت اليد العليا للقوات المسلحة والشرطة هي المسيطرة على كامل الأراضي المصرية.

هي تجارب ملهمة اقتصادية وأمنية يضعها الشباب المصري أمام شباب العالم في النسخة الثالثة، في محاولة لتحقيق المزيد من التقارب والتعايش المشترك لكل الراغبين في السلام والباحثين عن الاستقرار، بعيداً عن العنف والتطرف والإرهاب.

هناك جلسات عدة كلها تصب في خانة دعم السلام والاستقرار، منها ما يتعلق بالتحديات الراهنة للأمن والسلم الدوليين، وكيف يمكن للدول الوطنية مواجهة تلك التحديات، خاصة الإرهاب، والنزاعات المسلحة.

هنا يبرز دور الدولة الوطنية وضرورة الحفاظ على كيانات الدول من الانهيار للتصدي لكل المحاولات الإرهابية، ومحاولات نشر الأفكار المتطرفة.

حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على دعم دور الدولة الوطنية، يأتي من واقع الخبرة العملية التي تعيشها الكثير من دول المنطقة، والتي وقعت في بئر انهيار الدولة الوطنية مثل العراق واليمن وسوريا والصومال.

هذه الدول تحولت إلى ساحة للعنف والإرهاب، وتحولت إلى «مأوى» للجماعات المتطرفة والإرهابية، ووقع آلاف من أبنائها ضحايا للحروب الأهلية، ولا تزال حتى الآن تنزف دون تصور واضح للخروج من «مستنقع الدم» الذي يسيطر عليه جنرالات الحروب، والجماعات الإرهابية، والأخطر من كل ذلك الدور الخفي لبعض الدول التي تدعم تلك الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح.الأمر المؤكد أن الشباب هم أكثر الفئات تضرراً من تلك الأزمات والمآسي؛ لأنهم خاسرون في كل الأحوال، فهم إما «وقود للمعارك»، أو أن تبتلعهم البحار والمحيطات في مراكب الهجرة غير المشروعة، أو في أحسن الظروف يتحولون إلى لاجئين مطاردين.

أعتقد أن كل تلك المشكلات كفيلة بأن يتخلى الشباب عن سلبيتهم ويتحولوا إلى قوة فاعلة في الحفاظ على «كيانات دولهم» لمواجهة تلك التحديات الخطيرة واجتثاث جذور الإرهاب من كل دول العالم.

لكل هذا، يناقش شباب العالم كل تلك التحديات وغيرها، بالإضافة إلى كيفية استخدام الفنون كأداة لنشر ثقافة الوسطية والاعتدال لمحاربة الأفكار الظلامية والمتطرفة التي تريد العصف بالحضارة الإنسانية.

 

ـــ رئيس مجلس إدارة «الأهرام»

Email