لماذا نكره الاجتماعات؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الطبيعي أن يشتكي حضور الاجتماعات من عدم فعاليتها، لكن أن يعترف 65 في المئة من كبار المديرين في قطاعات شتى بأن الاجتماعات «تعطل وتيرة إنجازهم للمهام»، فهذا ما يستحق التأمل لكونهم هم من يديرون الاجتماع عادة، وذلك وفق ما توصلت إليه دراسة نشرت مقتطفاتها مجلة هارفارد بزنس ريفيو.

ليس ذلك فحسب بل تبين أن 71 في المئة من المشاركين يرون أن اجتماعاتهم ليست فعالة وغير منتجة بالشكل المطلوب، وأن 61 في المئة لا يرون أن الاجتماعات تساهم في التقريب بين العاملين في فرق العمل!في الواقع هناك أعداد كبيرة من الدراسات التي تسير في هذا الاتجاه الذي كشف مرارة ما يشعر به الناس حينما يدعون إلى «غرفة اجتماعات».

وخصوصاً إذا كان يصعب فيها تمضية الوقت في ملهيات الهواتف، بسبب صرامة مدير الاجتماع أو تحسسه من انشغال من حوله عن كلامه المكرر. حتى صارت الاجتماعات كلمة منفّرة شوّهت فكرتها الأساسية باعتبارها تشعر الموظفين بأنهم يساقون إلى لحظات خانقة لا يمكن أن يضيفوا فيها شيئاً يذكر.

ولهذا السبب أصدرت قبل أسابيع كتاباً صغيراً بعنوان «لماذا نكره الاجتماعات؟» لدى «دار ضحى» في الكويت تطرقت فيه إلى ذلك المشارك أو مدير الاجتماع «الدوغماتي» الذي يحترف الحديث ويعتقد واهماً أن الحقيقة لا تصدر إلا منه وحده. وينسى أو يتناسى أن فكرة الاجتماعات قائمة على دعوة محصورة للمعنيين فقط وهي ليست وليمة عشاء يدعى إليها كل من «تحبه».

وبعض المسؤولين مع الأسف الشديد يدعو شخصاً لاجتماع ليعاقبه بطريقة غير مباشرة كأن يُعّرِض به أمام زملائه أو يتحين زلاته الكلامية ليصب عليه جام غضبه. وينسى أن المشاركين الآخرين سيكرهونه إن أكثر من تحامله لأنهم يتخيلون أنفسهم ضحية قادمة.

كما ذكرت أيضاً في كتابي مديري الاجتماعات الذين يتباهون بصرامة موعد بدء الاجتماع وينسون أن النجاح الحقيقي في تحديد وقت نهايته والالتزام به مع إنجاز كل بنود أجندة الأعمال، إن كان هناك أجندة أصلاً. مشكلة الاجتماع إذا بدأ من دون أجندة تتلى شفاهة أو توزع كتابة فإنها تلتهم ذروة أوقات إنتاجية المشاركين في خروج غير مبرر عن الموضوع أو مناقشة قضايا شخصية أو عديمة الجدوى.

مشكلة البعض مع الاجتماعات اعتقادهم بأنها متنفس عن همومهم أو أمراضهم النفسية وينسون أنها وسيلة لإنجاز العمل أو الاستماع إلى الآراء قبل اتخاذ قرارات مصيرية. وهذا يعني أن الميكروفون يجب ألا يحتكره الرئيس فدوره في الإدارة تنسيقي facilitator وليس الزعيم الآمر الناهي كما يظن الناس في منطقتنا.

ولهذا تلاحظ أن الرئيس الذي يدخل الاجتماع جاداً ومهموماً بمشاغله وضرورة إنجازها لا يأبه بمكان جلوسه في الاجتماع طالما أن العمل يسير على قدم وساق، وأن كل طرف يساهم بفعالية في النقاش. فكرة تصدر رئيس الاجتماعات للكرسي الوثير في المنتصف يجب أن تنتهي ما لم يكن هدفه رؤية وسماع الجميع بوضوح في غرف الاجتماعات الكبيرة.

ولا يلام البعض حينما يهربون من الاجتماعات عندما لا يجدون أحداً يصغي إليهم، ويكتشفون أنهم في مصيدة استعراض مدير لبطولاته الوهمية التي ليس لها مكان سوى في خياله الواسع.

 

 

Email