كيف نكون مركز ثقل اقتصادي في الشرق الأوسط؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يخفى على أحد الدور الاقتصادي الكبير للإمارات على المستويين الإقليمي والعالمي، فالدولة أصبحت مركزاً تجارياً بين الشرق والغرب، وبفضل الله تعالى ومن ثم السياسات التي وضعتها الحكومة أصبحت الإمارات ضمن مصاف الدول المتقدمة سواء في التشريعات والإجراءات، أو في البنية التحتية التي تخدم تحقيق هذه الرؤية الاقتصادية للدولة، بالإضافة إلى التنوع الاقتصادي في الإمارات والذي لا يعتمد على مصدر واحد.

إن هذه المكانة الكبيرة التي احتلتها الإمارات جعلتنا نتطلع للمزيد، وجعلت أعيننا تتجه إلى مكانه أكبر، وأن نلعب دوراً أكبر بكثير مما نفعله الآن، وهو أن تكون الإمارات مركز ثقل اقتصادي في المنطقة، وفي العادة هذا الهدف لا يتأتى إلا للدول الكبيرة ذات المساحات الشاسعة، كالولايات المتحدة والصين وألمانيا، ولكن ما السبيل إلى أن نكون أحد مراكز الثقل في العالم، وما هي خارطة الطريق التي ستوصلنا إلى ذلك، تعالى معي أخي القارئ لكي نضع رؤية مقترحة من أجل الوصول إلى هذا الهدف والذي يعتبر بكل المقاييس من الأهداف القوية وليس من السهل الوصول إليها، بل تحتاج الكثير من الوقت والجهد، وفيما يلي نحدد بعض النقاط المقترحة في هذا السياق:

1- الاهتمام بالصناعة: كلنا يعلم بأن ألمانيا هي مركز الثقل في أوروبا، وأن الاقتصاد الألماني لوحده أقوى من اقتصادات العديد من الدول الأوروبية مجتمعة، وألمانيا تحديداً أسهمت في تحقيق الاستقرار الاقتصادي في العديد من الدول الأوروبية بعد أن عصفت ببعضها مشكلات اقتصادية كادت أن تؤدي إلى انهيارها، والقطاع الأهم في ألمانيا هو قطاع التصنيع، ويعتبر قوة ضاربة في الاقتصاد الألماني، والمنتجات الألمانية موجودة في كل دول العالم، ولديها العديد من الشركات الناجحة وذات ثقل اقتصادي.

لذا وجب علينا الاستفادة من التجربة الألمانية في مجال الصناعة، وطبعاً قد يستغرب القارئ ما أقوله علماً بأن هناك فرقاً شاسعاً بالمساحة بين الإمارات وألمانيا، ونقول نعم، لا مجال للمقارنة، وإنشاء المصانع يحتاج مساحات ومدناً كبرى ولكن هناك صناعات صغيرة الحجم ولكنها تعتبر مصدر دخل عالياً للحكومات، كصناعات الأدوية والصناعات المرتبطة بالتكنولوجيا والبرامج وغيرها، بالإضافة إلى الاهتمام بالصناعات الرئيسية الكبرى.

2-الاهتمام بالبحوث العلمية في جميع المجالات: إن التنافس الحقيقي بين الأمم هو في العلوم والمعرفة، والعديد من الدول لم تصل إلى هذا التقدم الكبير إلا بسبب التنافس العلمي بينها، فلم نغزو الفضاء ولم نصنع الكمبيوتر وننشئ شبكة الانترنت إلا بسبب البحوث المتقدمة، لذا وجب الاهتمام بجانب البحث العلمي، ويجب أن نخصص لها جزءاً كبيراً من مواردنا المالية في سبيل خدمة أهداف البحث والدراسة، إن البحث العلمي وأهميته تقاسان بعدد البحوث المنشورة في المجلات والدوريات العلمية المعتمدة، وما هو تصنيف الجامعات ومعاهد البحث في الدولة على مستوى العالم، وكم براءة اختراع تسجل في الدولة على مدى العام ومقارنتها بالأرقام العالمية، وما هو عدد العلماء المتواجدين في مراكز البحوث المنتشرة، كل هذه الجوانب إذا استطعنا أن نغطيها فقد وصلنا إلى الهدف المنشود، وبذلك سنكون أسسنا البنية التحتية اللازمة للتقدم والاختراع والابتكار، من أجل المنافسة في العديد من المجالات الاقتصادية مستقبلاً.

3-قطاع التصدير وإعادة التصدير: إن موقع الإمارات ودول الخليج العربي يقع في قلب العالم، هذا الموقع الجغرافي المهم أتاح لنا العديد من الفرص التجارية، وجعلنا كالبوابة التجارية بين الشرق والغرب، وهذا ما نود التركيز عليه أن تكون الإمارات هي بوابة الصين واليابان ودول آسيا الأخرى إلى المنطقة وإلى الغرب، كما أنها تكون بوابة أيضاً لأوروبا والغرب نحو قارة آسيا، ومن أهم الأنشطة التي تدعم هذا التوجه هو نشاط قطاع التصدير وإعادة التصدير.

وقد أضحت الإمارات مركزاً تجارياً للعديد من السلع بسبب إعادة التصدير ومنها سلع غذائية أساسية، وهنا نقول إذا كان طريق الحرير قد اختفى، فبالإمكان أن نعيده مرة أخرى، ولكن لن يكون طريقاً للحرير فقط، بل طريقاً من ذهب، وكل ذلك لن يتأتى إلا إذا جعلنا شركاءنا في الشرق والغرب يقتنعون بأهمية موقع ومكانة الإمارات التجارية والاقتصادية بحيث أصبحت هي الطريق لكلٍ منهم نحو الضفة الأخرى من الكرة الأرضية.

 

Email