رأي

عدوان برائحة السياسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعلم إسرائيل جيداً أن عدوانها الدموي المتكرّر على قطاع غزة لن ينهي ما ترى أنه «الخطر المتربص في الجنوب»، ولن يوقف رشقات الصواريخ على المستوطنات.

لكنّها رغم ذلك مضت في الجولة الأخيرة بقصف طال أغلبه أهدافاً مدنية، وسقط إثره أطفال ونساء وعائلات بكاملها، وذلك بعد أن نجحت في ضربتها الأولى المباغتة في اصطياد القيادي في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بهاء أبوالعطا.

فهي هنا تسعى إلى ما تسميه «استعادة الردع» لرسم صورة توحي بأنها قادرة على الوصول إلى رؤوس كبيرة في الأذرع العسكرية للفصائل الفلسطينية.

والبحث عن انتصارات وهمية بأي ثمن.ويأتي العدوان الذي سمّاه الاحتلال «الحزام الأسود» بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى للفشل الذريع الذي مُنيت به الاستخبارات والجيش، إثر كشف وإفشال عملية تسلل صهيونية شرق خان يونس جنوب القطاع في الثالث من نوفمبر من العام الماضي، حيث قتل وأصيب عدد من أفراد قوات «النخبة» الإسرائيلية كان هدفها تصفية واختطاف قيادات من الأذرع العسكرية للفصائل.

كما يأتي في ظل أزمة سياسية عميقة تمر بها إسرائيل إثر فشل رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في تشكيل حكومة جديدة لمرتين بعد جولتين من الانتخابات في «الكنيست»، في محاولة لقطع الطريق على غريمه بيني غانتس الذي أسندت إليه مهمة التشكيل، لذا كانت «ضرورات المرحلة» تتطلّب الحرب.

فإن لم تساعد في تشكيل حكومة ائتلافية بين نتانياهو وغانتس - واستبعاد «القائمة المشتركة» الممثلة لفلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948- فإنها سترفع من حظوظ نتانياهو في انتخابات ثالثة تلوح في الأفق.

وعليه فإن الحروب التي تشنها إسرائيل على غزة المحاصرة بين عام وآخر، تأتي لتصدير أزمات أو تنفيس احتقان داخلي على حساب الدم الفلسطيني. كما تبحث إسرائيل عن بهرجة إعلامية، باستهداف ما تعتقدها الحلقة الأضعف، وهي غزة، لذا كان الطيران الحربي هو الوسيلة الأنجع لإرهاب غزة.

وكعادتها في كل مرة، تحاول إسرائيل تسويق عدوانها داخلياً ودولياً بمزاعم أنها قضت على القدرات الصاروخية لغزة، فإذا بمئات الصواريخ تتساقط عليها مع بدء أية جولة لاحقة، ولا تستثني مستعمرات العمق ومنها تل أبيب بمدى يتجاوز الستين كيلومتراً. وكي تحافظ على ماء وجهها، تطلق العنان لمقاتلاتها كي تدكّ المدنيين الآمنين.

وينكشف الكذب الإسرائيلي في كل مرة، لأن ما زعمته عن «بنك أهداف» لم يكن سوى «بنك دم»، وأن المدنيين هم الهدف الدائم، لذا كان الطيران الحربي يشن عشرات الغارات في دقائق، ويستهدف في معظمها بيوتاً ومدنيين، وليست مجزرة عائلة «السواركة» التي راح ضحيتها 8 أفراد من أسرة واحدة بينهم خمسة أطفال، سوى دليل على ذلك.

 

 

Email