مصر بلد الوسطية والتسامح

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعتقد أن الكثيرين منا يستغربون عداء البعض للدولة المدنية والتي يطلق عليها البعض لفظ الدولة العلمانية، وادعاء البعض أن العلمانية تعني الكفر! ويلح علي سؤال لا أريد كتمانه وقاية من الإرهاب الفكري الذي يندلع فور طرح أية تساؤلات أو استفسارات ويعتبر أن ما يجب أن يسود هو مبدأ السمع والطاعة..

لكن الذي لا يختلف بصدده عاقل هو أن القوانين التي تنظم حياة الناس وتحدد العلاقات بين الدولة والشعب، مصدرها جميعاً هو القيم والمبادئ التي أجمعت عليها كل الديانات، فليس هناك دين يبيح القتل أو السرقة، أو الرشوة أو أي فعل تجرمه القوانين الوضعية، أي انه لا تناقض بين تطبيق القانون المعبر عن جوهر الأديان وبين الرسائل السماوية..

فمعروف أن تفسيرات الفقهاء تختلف من فقيه إلى آخر ومن زمن إلى زمن، فمثلا، الاستشهاد بقول الرسول الكريم،( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)، فسره بعض الشباب على انه منحهم الحق في تقويم ما يرونه هم منكرا..وبناء عليه قام شاب أو أكثر بقتل شاب كان يجلس مع خطيبته في حديقة عامة..

وبرر الجريمة بعدم جواز انفراد ذكر بأنثى.. وهنا تكمن خطورة تجاهل قوانين الدولة والانصياع إلى تفسيرات البعض، بين الإرهابي والمتطرف منها، فمن يرى الاكتفاء برفض السلوك بينه وبين نفسه وآخر يعتقد بوجوب النصح، بينما هناك آخر قرر أن يقوم المنكر، في نظره، بقتل الشاب الجالس بأدب وفي حديقة عامة وليس في حجرة مغلقة، أي أن القتل هنا مسألة تقديرية تختلف من داعية إلى آخر، وهنا تكمن خطورة الرضوخ لبعض الدعاة الجدد، وقد رأينا وجوه بعضهم الشرسة وخطابهم الإرهابي، والذين تفتح لهم وسائل الإعلام أبوابها إضافة إلى وسائط التواصل الاجتماعي التي يسخرها البعض، للأسف، لنشر الشائعات والتحريض على التطرف باسم الدين، بينما الدولة تسهر على احترام القانون وتطبيقه بعدالة بين كل مواطنيها أيا كانت عقيدتهم.

ويحاسب الفرد أو المجتمع على أفعاله، وفي مثال آخر، يؤكد هذا الفصيل ممن يسمون الدعاة الجدد، إن الرزق من عند الله سبحانه وتعالى، مع إغفال ما تؤكده الآية الكريمة عن العمل، (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).

أليس في ذلك محاربة العمل والإنتاج اللازم لحياة دولة وأبنائها؟ ومثال آخر محزن ومذهل، الحملات المسعورة على وجوب ختان الإناث بدعوى حماية الفضيلة، والأمثلة كثيرة وقد سممت حياتنا لتراجع الدولة عن التصدي لفوضى الفتاوى وتعمد مناقضتها مع القوانين، بعد أن كانت الدولة المصرية، في مراحل سابقة متواطئة مع تيارات الإسلام السياسي للأسف الشديد.

ولابد الآن أن تؤكد الدولة سلطتها القانونية، في حماية مواطنيها وأن جميع القوانين مستقاة من القيم والمبادئ الدينية ومن ثم لا تسمح بالمزايدة ولا بالمخالفة بدعوى أن دولة القانون دولة كافرة وانه لا بد من الدولة الدينية!! إن دولة القانون هي في جوهرها دولة دينية بالفعل، وتتسم بالعدالة في تطبيق القوانين على الإنسان، فدولة القانون هي دولة الإنسان الذي كرمه الله عز وجل بالعقل القادر على التفكير والإبداع والعمل، حتى تلحق مصر بركب التقدم والازدهار وتكفل لكافة أبنائها حياة كريمة كما شدد، وتمنى، الرئيس السيسي في لقاءاته بالشباب.

 

 

Email