مستقبل التحوّل الرقمي لشركات الخدمات والمرافق في المنطقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر مصطلحات المياه الرقمية والمياه الذكية والذكاء الاصطناعي والسحابة وإنترنت الأشياء بعضاً من المصطلحات العديدة المستخدمة للإشارة إلى التغيرات الجذرية التي يشهدها قطاع المياه.

وأياً كان المصطلح الذي نفضله، تمتلك التقنيات الرقمية القدرة على تحويل اقتصاديات قطاع المياه وغيره من القطاعات، وتفضي هذه التطورات بالفعل إلى تحقيق وفورات مباشرة لشركات الخدمات والمرافق، كما تساهم في تحقيق قيمة كبيرة، سواء على المستوى الداخلي أم الخارجي عبر كامل سلسلة التوريد.

وفي منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، تركز الحكومات وشركات الخدمات والمرافق العامة على التحول من بنية تحتية تقليدية للمرافق العامة إلى أخرى قائمة على التكنولوجيا الرقمية الذكية. ويدرك المزيد من شركات الخدمات والمرافق العامة أن القدرات الرقمية المحسنة في قطاع المياه تحمل الإجابة المنشودة على مستوى الاستخدام الدقيق والفعال للمياه وإدارة الموارد المائية.

وعلى مرّ السنوات الماضية، تمّت معالجة وإعادة استخدام أقل من 5% من مياه الصرف الصحي في الشرق الأوسط، ولكن من المتوقع أن يشهد هذا الأمر تغييراً جذرياً. ففي دولة تقود الحكومة جهوداً متواصلة لإعادة استخدام كامل مياه الصرف الصحي بحلول 2020.

وفي مصر على سبيل المثال، شكلت مياه الصرف المعاد تدويرها نسبة تزيد على 10% من إجمالي المياه المستخدمة للأغراض الزراعية بنهاية 2018، وسيستمر هذا الرقم بالنمو خلال هذا العام بسبب زيادة الاستثمار في التقنيات المتقدمة. وعلى خلفية نتائج ملموسة كهذه، من غير المستغرب أن تشير التوقعات إلى قيام شركات الخدمات والمرافق العامة في المنطقة الخليجية باستثمار أكثر من 100 مليار دولار في الحلول الرقمية خلال السنوات الخمس القادمة من أجل تحسين أصولها.

ودون شك، ستساهم هذه الحلول الرقمية في إحداث نقلة نوعية على مستوى قطاع المياه بالكامل، وهو بالضبط ما يحتاج إليه هذا القطاع. وسيكون للتغيرات المدفوعة بهذا التحول الرقمي تأثير ملموس على طبيعة القوى العاملة ودور شركات الخدمات والمرافق العامة كجزء من منظومة المدن المستدامة وشكل العلاقة بين العملاء وهذه الشركات.

ولا تقتصر التحديات التي تواجه البنية التحتية لشركات الخدمات والمرافق العامة على تلبية احتياجات سكان المدن فحسب، بل تمتد لتشمل أيضاً إطلاق مبادرات المرافق الذكية التي ستساهم في تحقيق الأمن المائي خلال المستقبل. وتلعب عدادات المياه الذكية دوراً هاماً في هذه الرؤية بالنظر إلى قدرتها على تتبع وقياس استخدام المياه بدقة متناهية، جنباً إلى جنب مع ما تقدمه من ميزات مفيدة أخرى مثل الكشف عن التسرب.

وستواجه منطقة الشرق الأوسط، على وجه الخصوص، المزيد من الصعوبات على مستوى الإدارة الفعالة لأصول المياه الشحيحة والأقل موثوقية. ولذلك، تعتبر مسألة وضع الأسس لاقتصاد المياه الرقمية (اقتصاد قطاع المياه الرقمي) بمثابة ضرورة حتمية لتمكين الإدارة المثلى للمياه.

ولن يقتصر دور التقنيات الرقمية على المساعدة في تحسين مستوى الإدارة اليومية للمياه، بل ستلعب هذه التقنيات دوراً طويل الأمد في إدارة الاحتياجات المائية لمواجهة الكوارث الطبيعية والتغير البيئي.

ومن خلال الترقيات الرقمية، يمكن أن تضمن شركات الخدمات والمرافق العامة مستويات أعلى من الأمن المائي للقطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والمحلية، لتحمل بالتالي تأثيراً مباشراً على الأمن والنمو الاقتصادي.

وفي دولة الإمارات يعتبر برنامج التحول الرقمي أحد الالتزامات الرئيسية لتحقيق الأهداف المحددة من خلال رؤية 2021 وتمهّد مؤسسات من أمثال «هيئة كهرباء ومياه دبي» الطريق أمام القطاع بأكمله من خلال الابتكارات الجديدة والمتقدمة.

وتجني هيئة كهرباء ومياه دبي بالفعل الفوائد الناجمة عن خدمة الموظف الافتراضي «رمّاس»، والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي للرد على استفسارات المتعاملين وتمكينهم من طرح الأسئلة وإيجاد الحلول المناسبة عند الحاجة.

ويفتح هذا الأمر بالفعل باباً من الإمكانات الواسعة للتفاعل مع المتعاملين وتوفير التنبيهات لهم جنباً إلى جنب مع تحليلات استهلاك المياه وترشيدها.

 

* المدير الإقليمي للمبيعات لدى شركة سينسوس

Email