الإمارات في سباق الكبار

ت + ت - الحجم الطبيعي

جاء الإعلان أمس عن تدشين جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ليبرهن أن الإمارات لا تستشرف المستقبل فحسب ولكنها تسابقه.

فقد أدركت مبكرا دور الذكاء الاصطناعي في صياغة شكل المستقبل وكيف سيكون عليه العالم .ففي  أكتوبر 2017  أطلقت  استراتيجيتها  للذكاء الاصطناعي(AI)..في وقت كانت هناك بعض الدول تطلق استراتجيتها للقضاء على الأمية.!!
بل إن دولة بحجم الولايات المتحدة أعلنت استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي متأخرة نسبيا وتحديدا في نوفمبر الماضي.

جامعة محمد بن زايد لاشك تحول استراتيجية الامارات إلى واقع حيث سيكون على عاتقها  تخريج الكوادر البشرية لتنفيذها، هي إذن خطوة ضرورية تجعل  الإمارات كتفا بكتف مع الدول الكبرى في هذا الشأن .

كما تنسجم مع الحكومة الذكية، ومئوية الإمارات 2071، الساعية إلى أن تكون دولة الإمارات الأفضل بالعالم في المجالات كافة.
لكن السؤال لماذا " الذكاء الاصطناعي الآن ؟ربما في تصريح روبرت وورك الذي شغل منصب نائب وزير الدفاع الأميركي في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مايكشف أهمية هذا التوجه .


يقول وورك :طالما أن البيانات الكبيرة- "البيج داتا"-   تشكل الوقود الحيوي الذي يدير صناعة الذكاء الاصطناعي فإن الصين قد يكون لها هامش التميز الذي سيؤهلها لقيادة العالم.
 

غرابة التصريح من وجهة نظري أنه صدر عن رجل كان مسؤولا عن إدارة الشؤون اليومية لحوالي 1,2 مليون جندي في الخدمة وقتها و730 ألف موظف مدني يتبعون جميعا لوزارة  كانت ميزانيتها 600 مليار دولار في عهد أوباما وارتفعت العام السابق تحت إدارة الرئيس  الأمريكي الحالي دونالد ترامب إلى 716 مليار دولار، وكأن الأرقام الفلكية التي نسمعها عن الميزانيات الأميركية الضخمة المخصصة للذكاء الاصطناعي ليست كافية لمواجهة ما يفرضه من تحديات.

ففي تقارير رسمية متصلة تبين أن البنتاغون خصص ميزانية للذكاء الاصطناعي تصل تقريبا إلى مليار دولار بحلول العام 2020، إن ملامح التكنولوجيا المستقبلية ستتغير وستحل الروبوتات محل الإنسان في الأماكن والصناعات الخطرة .

لقد أدركت الدول الكبرى عظم وأهمية الذكاء الاصطناعي حيث أعلنت الولايات المتحدة إطلاق مركز مشترك للذكاء الاصطناعي الأمريكي في صيف العام  الماضي بالتزامن مع تصريح شهير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا أفاد فيه أنه "من سيمتلك زمام القيادة في هذا المجال سيمتلك قيادة العالم" .

لقد أنفقت شركات التكنولوجيا الأمريكية في 2016  أكثر من  30 مليار دولار على الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته . مثل هذه التطورات لم تدع مجالا للمناقشة أمام من لايزالون ينكرون حتمية التغيير من حولنا. فالعالم الآن يتغير ويتبدل بسرعة مذهلة، تجعل الإنسان في لهاث دائم خلف خطى عالم يركض بشكل مخيف وبات التغيير في ذواتنا أمرا حتميا للحاق بالركب.

ومن هذا المنطلق جاء  إطلاق القيادة الرشيدة لجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بالأمس منسجما مع رؤية القيادة بالتركيز على استشراف المستقبل وبناء القدرات وتطويع جميع الامكانات المتاحة لإطلاق الطاقات الكامنة التي توفرها التكنولوجيا المبتكرة للذكاء الاصطناعي والذي بدأ بالفعل بتغيير العديد من جوانب حياتنا وعالمنا.

نشعر بالفخر تجاه قيادة قادرة على سبر غور التغيرات العالمية وعلى أخذ زمام المبادرة لكي نلحق بالركب العالمي والبناء على ما تحقق من إنجازات .

Email