دولة الإمارات العربية المتحدة، دائماً ما كانت تحمل على عاتقها مهمة دعم العالم العربي، ومساندة الدول العربية الشقيقة، ولقد كان مؤسس دولة الإمارات، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، واضحاً في مواقفه الداعمة لمعارك الهوية العربية القومية، ولم يكن ليهادن أو حتى ليمتثل لأي ضغوط عليه ليتراجع عن تلك المواقف، الأمر الذي أدى إلى سير خلفه من بعده على ذات النهج الذي رسمه، إن دولة الإمارات لا تزال تحرص على أمن واستقرار مصر، فهذه وصية المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد، الذي رأى في مصر قلباً للعروبة وسنداً لها، عندما قال: «نهضة مصر نهضة للعرب كلهم، وأوصيت أبنائي بأن يكونوا دائماً إلى جانب مصر»، وكانت وقفته، رحمه الله، مع مصر وبناء مصر على كل الصعد مشهودة للجميع، كان حكيم العرب سنداً قوياً لأبناء المحروسة.
وانتقلت هذه المحبة إلى أبنائه، وأصبحت مصر في قلب كل إماراتي، وفي استطلاع للبيان لخبراء عسكريين مصريين، من بينهم من شارك في حرب أكتوبر 1973، حول العلاقات العسكرية بين الإمارات ومصر، ومستقبلها وتأثيراتها في المنطقة، أفاد رئيس مخابرات القوات البحريَّة في حربي الاستنزاف و6 أكتوبر، اللواء يسري قنديل، بأنّ «العلاقات بين الإمارات ومصر، تعود إلى أكثر من 40 عاماً، كما أسهمت مصر في بناء البحرية والجيش الإماراتي، مع هذا، فقد توصلت القوات الإماراتية إلى مستوى متطوّر من الصناعات البحرية».
وأكد أيضاً أن الموقف التاريخي الذي اتخذه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في معركة البترول مع إسرائيل، سيظل عالقاً على الدوام في أذهان المصريين، لا سيّما أبطال حرب أكتوبر 1973، عندما قال كلمته الخالدة: «البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي»، مقدّماً دعماً قوياً لمصر «مادياً ولوجستياً»، ساندها في حربها التاريخية، وأسّس لعلاقات أكثر قوة، الأمر الذي سيشهد به التاريخ!!
وفي ذكرى حرب أكتوبر المجيدة، وبينما يحتفل الأشقاء المصريون بها، فإن ذكرى الشيخ زايد، ومواقف الإمارات البطولية في دعم مصر، تظل حاضرة في أجواء الاحتفالات، وبحسب ما أكده الرئيس السابق لهيئة عمليات القوات المسلحة المصرية، اللواء عبد المنعم سعيد، فإن الشيخ زايد قدم الدعم الاقتصادي لمصر عقب نكسة يونيو 1967، التي سميت حرب الأيام الستة، والتي شنت خلالها إسرائيل هجمات على عدد من الدول العربية (مصر وسوريا والأردن)، واحتلت كلاً من: «سيناء- وقطاع غزة- والضفة الغربية- والجولان»، حتى تم استئناف الجهود المصرية في إعادة بناء الجيش، وترتيب أوراقها من جديد، بينما يذكر أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، د. محمد حسين لـ «البيان»، في حوار صحافي سابق.. أنه بجانب وضع الإمارات لإمكاناتها المادية في خدمة جبهات الصراع العربي الإسرائيلي «حرب أكتوبر»، فإن زايد أمدّ مصر بعدد كبير من غرف إجراء العمليات الجراحية المتنقلة، التي أمر بشراء كل المعروض منها في جميع أنحاء أوروبا، وإرسالها مع مواد طبية وعدد من عربات الإسعاف وتموينية بصورة عاجلة، مع بدء الحرب، كل ذلك دون أي مقابل.
بينما يؤكد رئيس مركز «الدراسات السياسية والاستراتيجية»، اللواء علاء بازيد، ذلك الدور الذي لعبته دولة الإمارات في دعم حرب 1973 دولياً، وحشد التأييد لها من خلال المؤتمر الذي عقده المغفور له، الشيخ زايد، في لندن، وكان له صداه الدولي على شعوب العالم الرافضة للاحتلال، مشيراً إلى أن تبرع الموظفين في دولة الإمارات، بذلك الوقت، بمرتب شهر كامل لصالح دعم مصر.
أما في معركة البترول الشهيرة، التي خاضتها دول الخليج وقتها، فقد جسّدت أبرز مواقف الإمارات الداعمة لمصر في حرب 1973، حيث كان الشيخ زايد، من أول زعماء العرب الذين وجهوا بضرورة الوقوف إلى جانب مصر في معركتها المصيرية ضد إسرائيل، مؤكداً أن «المعركة هي معركة الوجود العربي كله، ومعركة أجيال كثيرة قادمة، علينا أن نورثها العزة والكرامة».
لقد شن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، حملات إعلامية مشبوهة، استهدفت ضرب العلاقات التاريخية بين الإمارات ومصر، وتهيأ لهم أن هذه الحملات بدأت تؤتي ثمارها، إلا أن فشلها النهائي جاء على مستويين متوازيين.
المستوى الأول: هو المستوى الشعبي من الجانبين الإماراتي والمصري، الذي لم ينجرف وراء المحاولات السافرة لاستفزاز مشاعر الطرفين واستجرار مواقف عدائية من مصر تجاه الإمارات أو العكس، بل بدا التضامن والتقارب والتكاتف بين الشعبين الشقيقين في أبهى صوره.
أما المستوى الثاني: فهو المستوى الرسمي، المتمثل في القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وسائر المسؤولين الإماراتيين الحريصين على عمق العلاقات بين البلدين.
تهانينا القلبية للشقيقة مصر العروبة العزيزة الغالية على قلوبنا جميعاً، قيادة وشعباً، احتفالاتها وأفراحها بذكرى انتصار حرب العرب جميعاً «أكتوبر المجيدة».