الكوكب الكبير: K2-186 b

ت + ت - الحجم الطبيعي

إنها أيام مثيرة. فربما كان ما يجري على كوكب الأرض فيه الكثير من الإثارة، من أول الحروب الباردة بين الدول الكبرى التي دخلت إليها السخونة نتيجة منافسات حادة؛ وحتى ما يحدث في القطب الشمالي والجنوبي نتيجة الاحتباس الحراري، أو ما تولّد عنه من أعاصير قاسية.

ولكن لا يوجد ما يثير الخيال قدر اكتشافات جديدة في الكون الذي نعيش فيه؛ فلا يزال الإنسان يبحث عن إجابة لهذا السؤال الصعب عما إذا كنا – الجنس البشري - نعيش وحدنا في هذا الامتداد الفسيح للنجوم والكواكب والكويكبات والثقوب السوداء أم أن هناك حيوات أو مخلوقات حية أو حتى إنسان يعيش في مكان آخر.

وفي الأسبوع الماضي أعلن عن اكتشاف جرى قبل عام في ٢٠١٨ لكوكب جديد سمي مؤقتاً K2-186b ومواصفاته أنه يماثل كوكب «نبتون» في مجموعتنا الشمسية وبكتلة تماثل أكثر قليلاً من عشرة أمثال كتلة الأرض، ويومه ٣٣ يوماً من أيام الأرض، حيث يدور حول النجم K2-18، وما يميزه عن غيره من الكواكب المكتشفة من قبل أن هناك احتمالاً بوجود حياة فيه، أو أنه يمكن العيش عليه.

وفي المقال عنه المنشور في مجلة علمية في ١١ سبتمبر الجاري جاء فيه وجود غازي الهيدروجين والهليوم ومعه بخار الماء الذي يشكل بداية للحياة وتطورها؛ ولكنه مثلها يحتمل أن يكون سطحه صخري الطابع، ومثله مثل كوكب الأرض فإن لديه غلاف فضائي عازل عن فضاء خارجي.

هذا الاكتشاف جاء نتيجة تعاون كبير بين ثلاثة «تلسكوبات» هي: «كيبلر»، «سبتزر» و«هبل»، التي تسعى في الفضاء وتوجهها مراكز علمية على الأرض، والأهم من ذلك أن هذه المراكز جامعة مونتريال في كندا، وجامعة كلية لندن في المملكة المتحدة، وصف طويل من المعاهد والمراكز العلمية في الولايات المتحدة. مثل هذه المعرفة بالفضاء السحيق لا تكون إلا بتعاون علمي بشري، لا يهتم كثيراً بما يجري على الأرض، ولكنه يعطي كل الاهتمام لحال الكون الذي لا يعلم أحد بداية له، اللهم إلا كانت «البج بانج» الكبيرة، ولا نهاية.

هذه الحالة من الشغف بالفضاء والسماوات البعيدة تجري رغم كل ما يلم بالبشرية من أحداث، وبرغم التساؤل المستمر عما إذا كان حكيماً البحث عن كواكب ونجوم وأقمار بعيدة بينما يوجد على سطح كوكب الأرض الكثير من المعضلات والفقراء والأمراض. السينما العالمية وخاصة الأمريكية كثيراً ما تركز على هذا الموضوع من زوايا متعددة منها ماذا يحدث لمركبة فضائية وقت انتهاء الحياة على الأرض نتيجة حماقة الإنسان وقيامه بالانتحار الذري.

أو أن الموضوع هو انتهاء موارد كوكبنا لأسباب لها علاقة بشر الإنسان وطمعه، ومن ثم بات ضرورياً البحث عن موارد جديدة في كواكب أخرى. ولكن الحقيقة ربما كانت أكثر قرباً من البشر الآن أكثر منها من أي وقت مضى حيث بات البحث عن الحياة خارج الأرض هي وسيلة حل المشكلات فيها.

فما حدث عند اكتشاف الكوكب الجديد الذي يبعد عن الأرض ١٢٤ سنة ضوئية؛ فإذا كان ضوء الشمس يصل إلى الأرض في ثماني ثوانٍ، فإن الكوكب الذي يعنينا هنا أتي ضوؤه بعد ١٢٤ سنة من سرعة الضوء.

بالطبع فإن التساؤل عما إذا كان الكوكب لا يزال موجوداً هو مشروع تماماً، وعما إذا كانت صور البخار والغاز هي التي تعبر عن الحقيقة. والمسألة هكذا لا تكون في الكوكب بقدر ما هي في التلسكوبات التي بحثت وعثرت على الكوكب. فهذه بداية التفكير في الموضوع، حيث تنمو القدرات العلمية التي يمتلكها الإنسان على كوكبنا هذا.

وما ينطبق على التليسكوب ينطبق على قوة الدفع التي ترسل مركبات إلى الفضاء الخارجي حاملة حمولات كبيرة نسبياً مثل التليسكوب؛ وأموراً أخرى ربما تسمح لنا قبل نهاية القرن بإقامة مستعمرة ربما في القمر القريب أولاً، وبعد ذلك، ومن يعلم متى، في كوكب المريخ الذي يبدو لنا قريباً الآن بعد العثور على الكوكب الحديث.

صناعة الفضاء أكبر وأكثر شمولاً من الرؤية والانتقال والحمل والدفع، هي تشمل الكثير من الاتصالات بين الأرض والمركبات الذاهبة، وقراءة مشاعر رواد الفضاء، وعلاجهم نفسياً وعضوياً، ومن يعلم ربما القيام بعمليات جراحية عن بعد!

Ⅶ كاتب صحافي

 

Email