دبي في مهمة إعلامية

ت + ت - الحجم الطبيعي

من بين الأسلحة التي تحتاجها المنطقة في ظل التحديات الكبيرة التي تحيط بها هو سلاح الإعلام.

فالعالم العربي منذ أحداث 25 يناير 2011 صار مستهدفاً من إعلام تآمري مدفوع، يهدف إلى تفكيك وخلخلة الاستقرار وإرباك الشعوب.

الآن حانت اللحظة لإعادة النظر في سلاح الإعلام، ووضع أطر وقوانين ومواثيق تنظمه بل تعمل على تطويره في ظل المتغيرات المتلاحقة لوسائل التواصل الاجتماعي، وحروب الجيل الرابع.

من الأشياء المبشرة في هذا الاتجاه ما شهدته القاهرة الأيام الماضية من حراك وتفاعل بين رموز وقيادات إعلام دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وبين رموز الإعلام بجمهورية مصر العربية.

فقد حرص الجانب الإماراتي برئاسة مني المري، مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة دبي وعضوية نخبة من القيادات الإعلامية والصحافية على فتح آفاق رحبة لمناقشة مستقبل الإعلام العربي، وكيفية الاستفادة منه في خدمة القضايا وتحصين المجتمعات العربية ضد كل دعاوى الهدم والتخريب والفوضى التي تهدد الاستقرار.

جاء اختيار دبي عاصمة للإعلام العربي 2020 تأكيداً لهذه المهمة وتعميقاً للنهضة الإعلامية التي بدأتها دبي منذ عام 1999 بتأسيس منتدى الإعلام العربي، وما تلاه من فعاليات استطاعت دبي من خلالها أن تتصدر عواصم العالم وتحقق تميزاً كبيراً في مجال الإعلام.

إيماناً من دولة الإمارات بالدور الذي لعبته وتلعبه مصر في الإعلام العربي، جاءت هذه الزيارة لتدشين مسار جديد من التعاون بين مؤسسات الدولتين.

تبلور ذلك في لقاءات عدة جمعت الوفد الإماراتي برئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، الذي رحب بجميع أوجه التعاون الإعلامي، وأيضاً اللقاء الذي جمعهم بأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، الذي أشاد باختيار دبي عاصمة للإعلام العربي 2020، وصولاً إلى الحوار مع نقيب الصحافيين ضياء رشوان ولفيف من كبار الكتاب والمفكرين ورؤساء التحرير المصريين، فقد كان اللقاء منبراً لتبادل الآراء والأفكار والمقترحات العاجلة لإنقاذ وتطوير وسائل الإعلام العربي بمختلف أنواعها «المقروءة والمرئية والمسموعة»، هذا فضلاً عن رؤى عدة أخرى تم مناقشتها، ويمكن البناء عليها خلال عام اختيار دبي كعاصمة للإعلام العربي.

ما شهدته القاهرة من حراك بين الجانبين المصري والإماراتي، يؤكد عمق الترابط والتعاون المشترك بين القيادتين والشعبين، وهو ما أكدته منى المري في حديثها عن دور الإعلام المصري في بناء وتأسيس الإعلام في العديد من الدول العربية، والضرورة الحالية التي تتطلب خطاباً إعلامياً عربياً قوياً، مشيرة إلى أننا نمتلك الفرصة لخلق نموذج إعلامي أمام العالم رغم ما تعيشه المنطقة من اضطرابات.

نعم هذه الزيارة تشكل نواة يمكن التأسيس عليها لمراحل جديدة من تحديث للرؤى والاستراتيجيات لمجابهة ما يتعرض له العالم العربي. فلا شك أن صناعة الإعلام خلال عقد مضى تتعرض لموجات من الانتهاك المهني القائم على العشوائية وأنصاف الحقائق، بل للأسف صار أسيراً لفوضى الشبكات العنكبوتية التي لا تفرق بين كلمة تدعم الإرهاب، وبين كلمة تدعم السلام والتسامح.

نعم دبي نجحت في أن تكون نموذجاً للإعلام الرقمي الحديث، وتسعى الآن عبر اختيارها «عاصمة» لأن تسهم في تقديم تجربة يمكن تعميمها وفقاً لأدوات تواكب العصر.

استثماراً لهذه المناسبة وهذا الحديث، فإنني أقترح على القائمين بمهمة التحضير لعام 2020 أن تتضمن أنشطة العام جولات مكوكية لكبار المفكرين والمثقفين والكتاب ورؤساء التحرير إلى مختلف العواصم العربية لتبادل الخبرات وتوطين نماذج النجاح، ووضع كود أخلاقي عربي يلتزم به الإعلام والإعلاميون في تناول قضايا المنطقة، أيضاً تنظيم ورش تدريبية لشباب الصحافيين الإعلاميين من مختلف دول العالم العربي لتأسيس ثقافة إعلامية مشتركة جوهرها الحفاظ على الدولة الوطنية، هذا فضلاً عن ضرورة فتح آفاق واسعة في قارات أخرى مثل قارة أفريقيا لاسيما الاقتراح بتنظيم نسخة من المنتدى في أفريقيا أو استضافة رموز الإعلام الأفريقي لما يمثله هذا الإعلام من أهمية كبرى للأمن القومي العربي.

هذا الحراك السريع للإعلام الإماراتي يؤكد نجاح السياسة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ومدى اهتمامه الواسع بقيمة الكلمة كرافعة لتحقيق الاستقرار، وهذا ما لمسناه في مناقشات وأحاديث مدير عام المكتب الإعلامي منى المري التي نجحت بامتياز في تنفيذ هذه السياسة على أرض الواقع.

 

 

Email