رسائل القائد وآثارها

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تدهش رسائل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم المتابع الحقيقي لما يحدث في دولة الإمارات. فقد عودنا هذا القائد على تلمس نبض الشارع وتلبية احتياجاته الحقيقية بحكمة المصلح وبإحساس المواطن وبديناميكية رجل الأعمال وبسرعة المشرع القانوني.

فحوى رسائل محمد بن راشد وسرعة وضع الآليات لتطبيقها وتحويلها إلى واقع معاش يستفيد منه كل من يقطن على أرض هذه الدولة، يعطينا الدليل على سرعة التحرك من أعلى قمة الهرم السياسي لردم أي هوة وتضميد أي جرح يمكن أن يؤثر على حركة المجتمع الطبيعية، كما يدل على قدرة القيادة في التلاحم مع الشعب وقت الشدة. فلا يوجد في الإمارات قيادة تقطن في برج عاجي ولا يوجد إدارة حكومية وضعت نفسها خلف السياج. فالجميع يعمل لهدف واحد ألا وهو خدمة الفرد والمجتمع.

هذا هو التقليد الإداري الذي كان سائداً قبل عقود من الزمن ويبقى حتى اليوم. فلا يخفى على أحد أن الفترة الماضية كانت فترة مليئة بالتحديات السياسية والاقتصادية التي رمت بظلالها الثقيلة على اقتصادات العالم أجمع.

فلم ينج بلد من بلدان العالم من الركود الذي سيطر على مفاصل الاقتصاد العالمي وخلق توترات دولية وأزمات اقتصادية، وبالتالي كانت له انعكاسات اجتماعية ونفسية كثيرة. السرعة في إيجاد الحلول المنطقية للقضايا الوطنية الملحة هي التي ميزت دولة الإمارات.

وما يميز الإمارات أيضاً أنها لا تدفن رأسها في الرمال بل تضع المشكلات على الطاولة وتدعو المختصين إلى مناقشتها وإيجاد الحلول الناجعة لها. فبعض المشكلات هي في الواقع معضلات من الصعب إيجاد حلول جذرية لها والسبب في أنها خارجة عن إرادتنا، أو أننا نتشارك فيها مع غيرنا. وعلى الرغم من ذلك فإننا ملزمين بفتح حوار مجتمعي لإيجاد الحلول والتوافق على الرؤى.

منذ بداية تطورها كان للإمارات مجتمع تجاري نشط ساهم مع الحكومة في الإنفاق وتمويل العديد من مشاريع البنية التحتية، بعضها ما زلنا نستفيد منها حتى اليوم. وعلى مر الأيام تطور دور التجار واستثماراتهم في البلاد. ولم يكن مجتمع التجار مجتمعاً عربياً قحاً بل ساهم التجار الوافدون في الاقتصاد بكل ما يملكونه من مال ورؤى. فقد وضع الجميع يدهم بيد بعض في سبيل الارتقاء بواقع المجتمع.

وظهرت في الإمارات قصص نجاح اقتصادي يتمثل في بروز عدد من الشركات الناجحة العملاقة التي أصبحنا نتباهى بها أمام العالم اليوم. كان ذلك برهانا على قدرتنا على المنافسة مع الآخر. وكضرورة لاستمرار النمو الاقتصادي الداخلي كان على الإمارات أن تعمل ضمن منظومة اقتصادية عالمية تتطلب فرض ضرائب ورسوم لتمويل الخدمات والإنفاق على المشاريع وصيانتها. فقد قامت في الإمارات مشاريع جبارة كشبكة الطرق ومشاريع البنية التحتية الأخرى وغيرها من المشاريع النوعية التي تهدف إلى رفد الاقتصاد.

واستثمرت في تلك المشاريع مليارات الدراهم. وكان على الدولة أن توفر الموارد اللازمة على الرغم من تذبذب أسواق النفط، مصدرها الأول للدخل. وعلى الرغم من ذلك فإن الدولة وفرت تلك الموارد خدمة للفرد والمجتمع.

رسائل محمد بن راشد جاءت كتنبيه بأن ما حدث ويحدث في مجتمعنا من طفرة عمرانية واقتصادية وحضارية أحدثت أيضاً طفرة في سلوكيات الفرد كان لها آثارها على المجتمع. فتلك الرسائل هي دعوة لمراجعة السلوكيات سواء المهنية أو الفردية وتصحيحها.

كما دعت رسائل محمد بن راشد إلى المحافظة على الموارد الاقتصادية سواء المالية أو البيئية وتوجيهها التوجيه الصحيح والمستدام. فالاستدامة هي أساس عصري وجميل للارتقاء بالمجتمعات الحديثة.

كما حثت رسائل محمد بن راشد على الاهتمام بالموارد البشرية، خاصة المواطنة، وتطويرها والاهتمام بها بوصفها ركيزتنا للمستقبل. فالملاحظ أن العقود الأخيرة شهدت نقصاً في فرص العمل أمام الشباب، على الرغم من الدراسات التي أجريت في السابق على التخصصات العلمية المطلوبة لسوق العمل، الأمر الذي يظهر خللاً ما في السلم المهني.

التنافس الاقتصادي الذي حصل في مجتمعنا في العقود الأخيرة كان جميلاً، فقد نتج عنه مشاريع عملاقة كثيرة، ولكن بعضاً من تلك المشاريع متشابهة ومتكررة، الأمر الذي يحرم اقتصادنا من فرص جديدة واعدة وأبواب عدة تظل موصدة. كما أن التنافس الاقتصادي في مجتمع الأعمال يجب ألا يكون على حساب الفرد والمجتمع، حتى لا تفقد بلادنا جاذبيتها كبلد جاذب ومهوى لأفئدة الشباب وأنظارهم.

* جامعة الإمارات

Email