معركة نتانياهو الأخيرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يخوض رئيس حكومة تسيير الأعمال في إسرائيل بنيامين نتانياهو معركة انتخابات الكنيست الثانية والعشرين في إسرائيل، والتي ستجرى في السابع عشر من سبتمبر الجاري.

حيث يخوض نتانياهو هذه المعركة وكأنها معركته الأخيرة، أو كأنها معركة حياة أو موت، ولا يقتصر تقدير نتانياهو المتمثل في خوض معركته الأخيرة على شخصه فقط، بل إن دائرة واسعة من المحللين والباحثين والمهتمين بالشأن السياسي الإسرائيلي، يتفقون مع نتانياهو بأن معركة هذه الانتخابات قد تكون آخر معاركه، فإما أن يكسبها بفوز معسكره بأهلية تشكيل الحكومة.

وفي هذه الحالة قد يحاول مرة أخرى سن قانون يمنحه الحصانة أثناء ممارسته لمهام منصبه، أو على الأقل إرجائها أو محاصرة تداعيات محاكمته على التهم والانتهاكات المنسوبة إليه، أو خسارة الانتخابات والمثول أمام القضاء.

واحتمال الحكم عليه بالسجن وقضاء فترة العقوبة وراء القضبان والانتهاء من الأسطورة التي صنعها لدى الرأي العام والناخبين.بيد أن الرهانات المرتبطة بمعركة نتانياهو الأخيرة تفتقد إلى الضمانات؛ إذ تشير كل التقديرات إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لحكومة تسيير الأعمال يدخل معركة انتخابات الكنيست الثانية والعشرين، برصيد أقل وأضعف من انتخابات الكنيست الحادية والعشرين؛ بعد فشله في تشكيل الحكومة وحل الكنيست، وقطع الطريق على المرشح الآخر والمنافس لتشكيل الحكومة.

وكذلك إصرار رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» على تمرير قانون تجنيد المتدينين، وثباته على هذا الموقف في الانتخابات التي ستجرى في السابع عشر من سبتمبر وبقائه خارج التحالفات التي يجريها الليكود في هذه الانتخابات.

من ناحية أخرى فإن التقديرات الأولية لنتائج الانتخابات تشير وفق الاستطلاعات إلى حصول معسكر نتانياهو على 55 مقعداً، وأن حزب «إسرائيل بيتنا» قد يتضاعف عدد مقاعده ليصل إلى عشرة مقاعد بدلاً من خمسة في الانتخابات الأخيرة، وباستمرار بقائه خارج تحالفات الليكود، يتضاعف احتمال تشكيل حكومة وحدة وطنية بين الليكود وبين تحالف أبيض أزرق كما يدعو إلى ذلك حزب ليبرمان، وهو أمر يبدو أنه متعثر حتى الآن بسبب رفض «أبيض أزرق» هذا الاحتمال.

يضاعف من أزمة نتانياهو ومعركته التي تبدو أخيرة استمرار التمييز والعنصرية ضد يهود الفلاشا القادمين من إثيوبيا، وعجز المؤسسات الإسرائيلية عن معالجة هذا التمييز، وإقرار قانون القومية الذي يقف متناقضاً مع إعلان الاستقلال؛ والحاجة المتنامية لإصلاح النظام السياسي الإسرائيلي، وتخليصه من استبداد وابتزاز الأحزاب الصغيرة الدينية والمتطرفة، بسبب اضطرار الأحزاب الكبرى نتيجة عدم حصولها على عدد المقاعد الضروري لتشكيل الحكومة والحديث عن ضرورة وجود حزبين كبيرين على غرار «الحزب الجمهوري» والحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى تنتفي الحاجة للأحزاب الصغيرة لتشكيل الائتلافات الحكومية، فضلاً عن استمرار حالة الطوارئ التي تمنح السلطة التنفيذية صلاحيات لا تمارسها إلا في وجود هذه الحالة.

المشهد الإسرائيلي معقد وتختلط فيه الإثنيات بالقوميات وتتداخل فيه التحالفات والتصورات على نحو غريب، ولا عجب أن نتانياهو عندما يخوض معركته الأخيرة يضرب في كل الاتجاهات والدوائر ويحارب في كل الجبهات، فهو يدعم الاستيطان والمستوطنين في القدس ورام الله والضفة الغربية.

ويدعم اقتحامات المسجد الأقصى والمتطرفين دينياً، ولا يتوانى عن ضرب غزة وحصارها لإظهار قوته في الوقت الذي لا يريد فيه حرباً مفتوحة ضد حماس في غزة قد تضر نتائجها بنتائج الانتخابات؛ يحاول نتانياهو أن يضيف حصاد المواجهة على كل الجبهات السابقة إلى رصيده السياسي وعلاقته بالولايات المتحدة الأمريكية ودونالد ترامب وروسيا وبوتين وتطلعه إلى حصار إيران والمشاركة في حماية الملاحة الدولية.

يمتلك نتانياهو بعض الأوراق في معركته الأخيرة مثل ثقة المؤسسة العسكرية في أدائه وعلاقاته الدولية وقدرته على المناورة وتجاهله لاستحقاقات التفاوض وحل الدولتين، وبالرغم من ذلك فإن فاعلية هذه الأوراق لا تبدو حتى الآن كفيلة بإخراجه من الحلقة المفرغة التي يدور فيها، وربما تكشف نتائج انتخابات الكنيست الثانية والعشرين عن تساقط هذه الأوراق في الخريف المتوقع لنتانياهو أو أنها قد تمنحه قبلة الحياة.

 

Email