تحالف المهزومين يلجأ للقواعد العسكرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يدخل السودان الشقيق مرحلة مهمة من تاريخه الحديث مع التوقيع النهائي على الإعلان الدستوري وبدء إجراءات المرحلة الانتقالية نحو الدولة المدنية بعد ثلاثة عقود من هيمنة الجماعة الإخوانية، كانت كفيلة بتدمير اقتصاد الدولة وإشاعة الفقر والحروب الأهلية، حتى انتفض الشعب ليسقط النظام ويمر – مع قواته المسلحة – بفترة صعبة تجاوزها الجميع ليصلوا إلى التوافق، الذي قهر كل محاولات إجهاض الحراك الشعبي من قوى الثورة المضادة في الداخل، ومن داعمي النظام القديم ومموليه، الذين يدركون جيداً عواقب خسارة رهانهم على مشروع «الإخوان» الذي يتوالى سقوطه.

وإذا كان التوافق كاملاً على إعطاء الأولوية لإحلال السلام وإنهاء الصراعات التي تفاقمت في ظل النظام الإخواني وهددت وحدة السودان تهديداً حقيقياً، وإعطاء الأولوية لإتمام ذلك خلال الشهور الستة الأولى.. فإن ذلك يرتبط تماماً بالمهمة الأساسية لتفكيك «التمكين» الإخواني في مؤسسات الدولة الذي تم خلال ثلاثين عاماً، والذي يمثل خطراً داهماً حتى يتم استئصاله، لتبدأ مهمة بناء الدولة الجديدة التي تنتصر للحرية والعدالة وتحقيق التنمية، وتبني النهضة التي يستحقها السودان ويملك كل مقوماتها.

يتحرك تحالف المهزومين «الإخواني – التركي – القطري» في كل اتجاه، في محاولة يائسة لتأجيل إسدال الستار على مشروع كان من البداية يحمل بذور فشله المحتوم، لم يكن ممكناً – مهما طال الزمن – أن ينتصر إرهاب الإخوان على سماحة الدين ووطنية الدولة ووعي الشعوب، ولم يكن ممكناً أن تتحول قطر من دولة خليجية عربية إلى مركز يرعى الإرهاب ويهدر ثروات الشعب القطري الشقيق وراء أوهام «حمد وحمد»، في أن يكبروا بالتآمر على الأشقاء، والمشاركة في نشر الدمار في وطن عربي ستظل قطر وشعبها الشقيق جزءاً منه، رغم كل ما فعله تحالف الشر ببلادهم! ولم يكن ممكناً أيضاً أن يتحقق وهم «السلطنة» الذي أضاع تركيا ووضعها على طريق الانهيار!

يخوض الإخوان ومعهم سلاح تركيا وأموال قطر معركة بائسة في ليبيا لمنع جيشها الوطني من استكمال مهمته بتطهير البلاد من عصابات الإرهاب، واستعادة سيطرة الدولة على أرض ليبيا وتمهيد الطريق لحل سياسي ينهي سنوات الدمار التي طالت.

وفي مصر لا يجدون إلا هذه الجريمة البشعة ليحققوا ذاتهم بتفجير يستهدف مرضى السرطان في أهم مؤسسة لعلاجهم في مصر، ويدركون أن مجال التحرك يضيق أمامهم بعد أن فقدوا نفوذاً كان لهم في السودان، وبعد أن سيطر جيش ليبيا الوطني على شرق ليبيا وجنوبها وباتت سيطرته على كامل تراب ليبيا مسألة وقت.

ووسط «رقصات الموت» هنا وهناك.. يتم الكشف عن القاعدة التركية الجديدة في قطر التي تضاعف أعداد الجنود والمرتزقة الذين يستقدمهم نظام «حمد وحمد» لحمايته، وتضيف الدوحة إعلاناً جديداً بفقدان السيادة وانعدام الأمان، تتحول إلى جزء من لعبة في يد أعداء الخليج العربي وأداة لتمويل إرهابهم من المحيط للخليج. تدرك الآن أين وصل بها المسار الذي اختارته بعيداً عن الأشقاء، تستدعي احتلالاً سقط قبل مائة عام، وتقيم – من ناحية أخرى – جسور التآمر مع من يوجه صواريخهم وميليشياتهم لضرب أمن المنطقة وإخضاعها لنفوذها.

يختصر الوزير الدكتور أنور قرقاش الوضع في المفارقة الصارخة بين مشروع التحالف المهزوم مسبقاً والذي ينتهي باستدعاء الاحتلال لحماية حلفائه، وبين مشروع التحالف العربي الذي يجمع الإمارات مع مصر والسعودية في علاقات استراتيجية منظورها إحياء الأمن العربي.

تستعين الدوحة بجنود دول هي في حاجة لمن ينقذها من أزماتها الطاحنة وهزائمها المتوالية، يرقصون رقصة الموت، ولهذا لا يستطيعون أن يقرؤوا رسائل الأمل التي يكتبها شعب السودان اليوم، كما لم يقرؤوا رسائل عدة من كل أنحاء الوطن العربي ترفض أن يعود الاحتلال، أو يتحول قطر شقيق إلى خنجر مسموم في يد الأعداء.

تحية لشعب السودان الشقيق وهو يبدأ مرحلة جديدة ومنتصر بإذن الله، وتحية لشعوب شقيقة أخرى تناضل على الطريق نفسه، ولا عزاء لمن يحتمون من شعوبهم بقواعد أجنبية، وتحالفات مع عصابات إرهابية، وتعاقدات مع احتلال مدفوع الثمن!

* كاتب صحافي

Email