وراء كل بيئة عمل سعيدة قائد إيجابي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يهم أبداً معرفة المدير شخصياً عند الحكم على ما يتمتع به من صفات قيادية، ولا يهم ما هو مدون بالأوراق من مؤهلات، فقط يكفي لمعرفة كل ذلك النظر إلى فريق العمل لديه، ففريق العمل مثل المرآة التي تعكس صفات القائد بحجم ذلك التأثير الذي تركه فيهم، فهل كل قائد يمتلك فن التأثير على الآخرين ويستخدم نفوذه في تحقيق الأهداف هو قائد إيجابي؟

في عام 2001 نُشِرت دراسة أجريت في جامعة ميريلاند على مجموعة من الطلاب تم تقسيمهم إلى مجموعتين، وطلب منهم حل لغز المتاهة، وهو عبارة عن متاهة يوجد فيها فأر بالوسط يجب إخراجه من الفتحة المرسومة في الجانب، الحل واحد بالنسبة للغز ولا يوجد سوى اختلاف بسيط في الرسمتين، حيث وضع في الرسمة الأولى جبنة عند الفتحة، بينما لم يتم وضع مثل تلك الجبنة في الرسمة الثانية التي تم فيها رسم بومة تحاول الانقضاض على الفأر إذا لم يخرج من الفتحة، كلتا المجموعتين تمكنت من حل اللغز وإخراج الفأر من المتاهة في أقل من دقيقتين.

تجربة

ليس هنا مربط الفرس، فبالرغم من انتهاء المجموعتين من حل اللغز في وقت واحد، فإنه قد تباين الأثر النفسي من تلك التجربة على المجموعتين، فالمجموعة التي أرشدت الفأر للحصول على الجبنة أظهرت مرحاً أكبر وسعادة وحذراً أقل في حل اللغز من المجموعة الأخرى التي حلت اللغز تحت ضغط كبير وحذر ومخاوف من انقضاض البومة على الفأر.

ترغيب

هذه الدراسة تعكس واقع بيئة العمل وكيف يمكن لهذه البيئة أن تتشكل حسب طبيعة القائد، فالقائد الإيجابي الملهم الذي يعمل بأسلوب الترغيب ويرسخ الغاية لدى موظفيه ويفتش بأدق تفاصيلهم عما يمكن إسعادهم ويطلق طاقاتهم ويوجههم نحو الهدف يخلق بيئة عمل سعيدة عكس القائد غير الإيجابي الذي ينتهج أسلوب الترهيب والضغط على فريق العمل دون أن يعير اهتماماً لتفاصيلهم، وحتى وإن استطاع تحقيق الرؤية إلا أنه مع ذلك يترك جروحاً غائرة في فريق عمله ويقتل ما تبقى من إبداع لديهم ويكتب نهاية السعادة في بيئة عمله.

إذن فما هي مواصفات القائد الإيجابي؟ وكيف يمكن له خلق بيئة عمل سعيدة؟

عند ذهابي لأحد المطاعم اعتدت تناول وجبة العشاء فيه، لاحظت أن تغييراً كبيراً قد طرأ، فالطاقم الذي كان مثالاً للسعادة وبث الروح الإيجابية في المطعم لم يعد مثل سابق عهده، وتحولت تلك البيئة الإيجابية إلى سلبية تبث المشاعر السلبية، إلى أن أصبحت خلافاتهم على مرأى الجميع.

إحباط

بادرت حينها بسؤال النادل الذي أعرفه جيداً عن سبب التغيير، فجاء رده وعلامات الإحباط واضحة عليه معللاً ما رأيته بتغيير المدير السابق الذي كان يقف خلف سعادتهم بما يغمرهم فيه من تعاطف شديد، وتغاضٍ عن أخطائهم البسيطة مرشداً لهم في تلافيها، وممتناً لهم موطداً للعلاقات بينهم ومشجعاً لتقديم الآراء ومطبقاً لها، كل ذلك اختفى مع المدير الجديد الذي لم يكترث لبيئة عمله فأصبحت بيئة عمل طاردة للزبائن قبل الموظفين.

‫إجابة النادل لخصت مواصفات القائد الإيجابي وكيف يمكنه خلق بيئة عمل سعيدة، فما الفائدة من تصميم المكان الملائم للموظفين وتزيينه بالديكورات الساحرة إذا لم يكن هناك قائد إيجابي يدير ذلك المكان. ‬‬‬

‫إذا كنت تبحث عن بيئة العمل السعيدة فعليك أولاً أن تبحث عن القادة الإيجابيين وتنمي تلك المهارة عند المديرين الحاليين، فلا بيئة سعيدة دون قائد إيجابي يقف خلف تلك البيئة ويهتم بأدق التفاصيل التي تسعد موظفيه.‬‬

Email