قطر «الحمدين» ليست منّا

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما يقول وزير خارجية البحرين، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، مقولته الشهيرة: «قطر ليست منّا»، فإنه يلخص، بثلاث كلمات، مسار ونتيجة علاقة دول المقاطعة العربية: السعودية والإمارات والبحرين ومصر، مع دويلة قطر، التي اختارت طواعية، أن تصطف إلى معسكر الإرهاب، فسبحت إلى جانب نظام الملالي، ثم جعلت القطريين، يحفرون بأيديهم قاعدة عسكرية تركية جديدة في قطر.

الوزير البحريني، كان حاضراً قبل وأثناء نشوء أزمة قطر في 5 يونيو 2017. ومن هناك، كان يعلم علم اليقين، أن المقاطعة العربية التي تقودها السعودية تقوم على 13 نقطة من بينها إنهاء التعاون العسكري بين قطر وتركيا وإغلاق القاعدة العسكرية التركية، ولكن وحين أعلنت قطر أنها وافقت على تشييد قاعدة عسكرية جديدة باسم «طارق بن زياد»، بدا للوزير، ولكل دول المقاطعة وشعوب الخليج، أن قطر لم تعد فعلاً جزءاً من منظومة الخليج. بل باتت سجينة في قفص تركي، لا فكاك منه.

الخطاب العاطفي التركي، ذو الوجهين، بتسمية القاعدة باسم «طارق بن زياد»، والسماح للعقيد التركي مصطفى أيدين، قائد القوات المسلحة التركية، باستخدام مقولة القائد العربي طارق بن زياد «البحر من ورائكم والعدوُّ أمامكم» للترويج للقاعدة الجديدة، واجه انتقادات كبيرة من قبل الشارع العربي والخليجي، ورأى مراقبون أن المقصود هو الاستفزاز، والتلميح أن العثمانيين، الذين أدخلتهم قطر إلى حجرتها، هم حماة الديار القطرية، من السعودية العربية ودول المقاطعة!

العقيد إيدين، صرح أمس أن الجنود الأتراك، وتحت قيادة القوات المشتركة القطرية التركية، يؤدون واجباتهم في الدوحة، تحت درجة 47 مئوية، وأن أعدادهم سوف تزيد في المستقبل القريب. وقال: «حين التقى جنود البلدين خلال عطلة عيد الأضحى، تبادلوا التحية، وقدم الجنود الأتراك الشوكولاتة وقدم الجنود القطريون الإفطار. وظهر لنا حب القطريين للأتراك في القاعدة العسكرية فالجنود يحيون بعضهم البعض».

مشروع الاستيطان التركي، ومع قبول نظام قطر، بإنشاء هيكل أمني تركي دائم وأبدي في قطر، لم يجعل المساحة المتاحة لعودة قطر إلى البيت الخليجي مستبعدة، بل جعلها الآن، وفي ظل تقارب آخر وتحالف مع إيران، مستحيلة، حيث كان الزائر الوحيد اليتيم للدوحة، خلال عطلة العيد هو وزير خارجية إيران، جواد ظريف، الذي احتفلت به قطر احتفاء الفاتحين، مع أنه كان يحمل رسالة تهديد شديدة اللهجة لتميم قطر ينذره بالموافقة على الانضمام إلى «تحالف الحارس»، الذي بدأ تشكيله أخيراً، لحماية الملاحة في مضيق أعالي البحار.

تشير المعلومات أنه قد تم فعلاً الانتهاء من بناء قاعدة «طارق بن زياد» التركية، وأن قطر تولي هذه القاعدة العسكرية على أراضيها، أهمية كبيرة، ويرى متابعون للشأن السياسي، ومنهم كاتبة المقال، أن حفل «الافتتاح الكبير» في الخريف. بحضور أردوغان وتميم، سيكون بمثابة حفل سحب إسقاط السيادة القطرية المزعومة، إلى الأبد.

يبدو أن الأتراك، غير العرب، لم يفهموا «خطبة طارق بن زياد» جيداً، وحين تمتم الحاضرون من المستشارين القطريين على خطبة إيدين، وسيتمتمون على خطبة أردوغان قريباً، فإن أحداً منهم لن يتجرأ، ويكمل خطبة «بن زياد» في وجه أردوغان ويقول: «ادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية».

قطر، وبعد أن توغلت بعيداً جداً في حقل الإرهاب، وبعد أن باتت مرتعاً للقواعد العسكرية الأجنبية، وبعد دعمها الجنوني لجماعة الإرهاب الإخوانية في مصر واليمن ودول أخرى، وبعد أن أحرقت كل سفن العودة ونامت في حضن الفارسي والعثماني، مطمئنة، فإن «قطر ليست منّا» أصبحت حقيقة لا جدال فيها.

* كاتبة وإعلامية

Email