صورة تذكارية لإرهابهم «المعتدل»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تكن قد مضت إلا بضعة شهور على سرقتهم الثورة واستيلائهم على الحكم، حين دعا «الإخوان» أنصارهم للاحتفال بذكرى السادس من أكتوبر في استاد القاهرة. وكانت المفاجأة المذهلة لكل المصريين أن ضيوف الشرف في الاحتفال لم يكونوا أبطال العبور العظيم، وإنما كانوا القتلة من جنرالات الإرهاب الذين اغتالوا السادات، والذين كانوا يومها يبدأون فصلاً جديداً في إرهابهم، وينسقون بإشراف الإخوان لتحويل مصر إلى قاعدة لإرهاب كان مخططاً له أن يحكم المنطقة بأسرها.

كانت مصر تحتفل بأكتوبر العبور والانتصار، وكان الإخوان يحتفلون بذكرى اغتيالهم للرئيس المصري الذي منحهم فرصة العودة في خطأ كارثي كلفه حياته وكلف مصر الكثير.

تعددت المشاهد التي جسدت حقيقة العام الأسود والذي حكم فيه الإخوان مصر، ولكن بقي مشهد استاد القاهرة في السادس من أكتوبر 2012 هو المشهد الكاشف لجماعة لا تنسى ولا تتعلم، ولإرهاب كان حضوره في هذا اليوم ليس فقط من باب الانتقام، ولكنه كان أيضاً رسالة تقول للمصريين أي مصير ينتظرهم لو بقي هذا الإرهاب يحكم مصر ويسير بها إلى مجاهل التخلف والدمار.

ولم يكن ممكناً أن تستسلم مصر لهذا المصير، ولم يكن ممكناً أن يتأخر رد شعب مصر الذي خرج بعد شهور ليكتب التاريخ في 30 يونيو، وليسقط حكم الفاشية الدينية الإخوانية، وليخوض معركة لم تتوقف ضد إرهاب تتواصل جرائمه في انتظار نهايته المحتومة.

حرقوا الكنائس واغتالوا المصلين في الجوامع، قالوا إنهم ذهبوا إلى القدس بالملايين ثم وجهوا رصاصات غدرهم إلى صدر أبناء الوطن، لم يتوقفوا عن ممارسة الإرهاب، وكل الإرهاب منحط، لكنهم في الأسبوع الماضي كانوا أمام اللحظة الأكثر تعبيراً عن مستوى الانحطاط الذي بلغوه مع الحادث البشع الذي انفجرت فيه قنابلهم لتضرب المعهد القومي للأورام، ولكي نرى و«معنا العالم كله» مشهد الأطفال المرضى بالسرطان يهربون من جحيم النيران، ومشهد الأطباء ورجال الإنقاذ وهم يقاتلون من أجل تأمين نقل المرضى غير القادرين على الحركة، ومشهد الأهالي وهم بين رعب الانفجارات ورعب الخوف على مرضاهم.

مشهد يعبر بدقة عن بشاعة الدرك الأسفل الذي وصل إليه الإرهاب الإخواني بعد أن أعلنت السلطات المصرية مسؤولية أحد فروع الجماعة «تنظيم حسم» عن الحادث وتوصلها لمرتكبه وباقي الخلية الإخوانية المشاركة له.

يجسد المشهد جيداً طبيعة المعركة التي نخوضها ضد إرهاب لا دين له إلا الكراهية، ولا وطن له إلا القتل، ولا طريق له إلا الإيغال في استباحة الدم وتدمير البلاد والإضرار بالعباد، وإرهاب لا يتورع عن تفجير مبنى لمرضى السرطان، كما لم يردعه رادع عن قتل المصلين في بيوت الله من المساجد والكنائس.

في الرد على المشهد المفجع كان الإصرار على إعادة بناء المعهد، وكان الإصرار على الإسهام في هذه العملية من جانب المصريين والعرب، وكانت مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في هذا الصدد إعلاناً بأن الشراكة في التصدي لإرهاب الإخوان ماضية في طريقها حتى اجتثاث هذا الخطر.

ويبقى التساؤل: هل سيظل البعض يحدثنا عن إرهاب يمكن أن يكون معتدلاً؟! وهل سيظل البعض يكتفي بإدراج منظمة «حسم» ضمن جماعة الإرهاب تاركاً «الإخوان» خارج قوائم الإرهاب أو مطالبين بمنحهم الوقت ليبحثوا ويقرروا(!!)

سوف تمضي مصر في معركتها ضد الإرهاب، وسوف تمضي في معركتها من أجل الحفاظ على الدولة وضمان تقدمها، قبل 30 يونيو كان مشهد جنرالات الإرهاب في استاد القاهرة عنواناً للعام الأسود من حكم الإخوان، الآن يقدمون عنواناً جديداً لإرهابهم المنحط في مشهد تفجير مبنى معهد الأورام، سنعيد المبنى ليكون الصورة التذكارية لمعركتنا ضد أعداء الحياة، ولنصرنا المحتوم عليهم.

هل آن الأوان لمن يفتحون عواصمهم لإخوان الشر، ولمن يفتحون خزائنهم لتمويلهم أن يعترفوا بأنه لا وجود لإرهاب معتدل، ولا مجال لأن يوصف قتل الأطفال المرضى بالسرطان بأنه نوع من «الاعتدال»!!

* كاتب صحافي

Email