القطيعة مع ثورة يوليو.. أم العودة لها؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالتأكيد.. كان مؤلماً لجماعة الإخوان أن تلتحق بالجماهير المصرية في ميادين التحرير في يناير 2011 ، بعد أن أدركت أن التغيير مقبل.. لتجد أن الصور الوحيدة التي ارتفعت في الميادين هي صور جمال عبد الناصر!!

وكم كان صارخاً بالدلالة أن يسير الإخوان على نهجهم في الخداع والتضليل الذي لم يتركوه أبداً، تآمروا حتى اختطفوا الثورة من شباب بريء وجماهير غير منظمة ذهبوا للتفاوض مع المجلس العسكري الذي تنازل له الرئيس الأسبق مبارك عن السلطة ليتحمل مسؤولية إدارة المرحلة الصعبة، وفي الوقت نفسه بدأوا حشد مناصريهم للهجوم على ما سموه «حكم العسكر»!!

وكان المثير أن يترافق ذلك مع توجه آخر يصب في الطريق نفسه من جانب جماعات ارتبطت مصالحها وتوجهاتها مع توجهات الإدارة الأمريكية في هذا الوقت، لنجدها ترفع شعار القطيعة مع ثورة يوليو 1952، باعتباره نقطة البدء لعهد جديد!!

لم يدرك الإخوان وداعموهم أن الحديث عن «عسكر» في مصر هو احتيال على الحقيقة التي يعرفها كل مصري، جيش مصر في العصر الحديث كان على الدوام جيشاً محترفاً لا يعرف الطائفية أو المذهبية، ولا يدين بالولاء إلا للدولة الوطنية، وجيش مصر على الدوام كان جزءاً من الحركة الوطنية يحمل همومها وآمالها ويحرس طريقها إلى الأفضل.

كان لابد أن تصطدم «يوليو» مع «الإخوان» لأنها لم تكن إلا تعبيراً عن إرادة الشعب بينما كان «الإخوان» على مدى تاريخهم أعداء لكل ما هو وطني، كانت «يوليو» تناضل ضد الاحتلال البريطاني بينما كان الإخوان صنيعة هذا الاحتلال (!!) وكانت يوليو ترسخ العدالة وتحشد كل إمكانات مصر من أجل بناء الدولة الحديثة بالعلم والتصنيع.

بينما كان «الإخوان» يريدون حكم المرشد وإمارة تستعيد أزهى عصور التخلف العثماني (!!) وكانت «يوليو» تؤمم القناة التي نشأ «الإخوان» بأموالها المسروقة من شعب مصر (!!) وكانت «يوليو» تقود حركة التحرر في العالم العربي والعالم الثالث، بينما كان «الإخوان» يتآمرون – كالعادة – من أجل قتل عبد الناصر واغتيال الثورة.

وعندما جاء يناير 2011 كان الكثير قد تغير، كان عبد الناصر قد رحل قبل أربعين عاماً، وكانت «يوليو» قد شهدت الكثير من الانقلابات عليها، وكان خطأ السادات الذي أعاد «الإخوان» ليقتلوه وليصبحوا الخطر الأكبر على مصر، وحين استطاعوا - بالتنظيم الداخلي والدعم الخارجي – أن يصلوا للحكم كان صدامهم المحتوم مع الشعب والجيش معاً، وكان ثأرهم الأكبر مع الستينيات (وما أدراك ما الستينيات!!) يترافق مع الدعوة المشبوهة إلى «القطيعة مع يوليو» باعتبارها طريق النهضة الموعودة التي سيباركها كل أعداء مصر والعرب!!

كانوا جميعاً لا يفهمون أن مصر لا تقبل التغيير إلا إذا كان تعبيراً عن أهداف حركتها الوطنية التي تبلورت في أهم صورها مع ثورة يوليو، وهي تحقق الاستقلال وتبني الدولة الحديثة وتنشر العدل وتؤكد انتماءها العربي، وكانت «القطيعة مع يوليو» عند كل المصريين لا تعني إلا الوقوع في أسر التبعية وضياع ما تبقى مما بنته «يوليو» وتسليم مصير الوطن لمن لا يؤمنون به من «إخوان الشيطان» لكي يعيدوه إلى ظلام العصور الوسطى، ولكي يرهنوا إرادته لدى من لا يريدون أن تعود «روح يوليو» فتعيد مصر إلى الطريق الصحيح وتنهي سنوات الغياب التي جعلت الأرض العربية ساحة لنفوذ الآخرين ولفوضاهم غير الخلاقة!!

ولم يكن غريباً أن تنتفض مصر في 30 يونيو، وأن تستعيد الحركة الوطنية تقاليدها العريقة فتتوحد حركة الملايين وينحاز جيش الشعب لإرادة الأمة، وليسقط الحكم الفاشي الإخواني، في هذا الأسبوع كانت مصر تحتفل بالذكرى السابعة والستين لثورتها الكبرى، وكان العالم العربي يحتفل معها، وكان من ينادون بالقطيعة مع يوليو يواصلون حملاتهم التي لم ولن تنقطع على الثورة التي غيّرت وجه التاريخ وقائدها عبد الناصر، وكانت مصر «شعباً وجيشاً» تمضي في طريقها غير عابئة بنباح من تجمعوا من أعداء مصر والعرب الذي يتواصل ضد يوليو التي ما زالت ذكراها تؤرقهم حتى اليوم.

 

 

Email