الأزمة الفنزويلية إلى أين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواجه فنزويلاً ضغوطاً دولية متزايدة لأن اقتصادها يعاني دوامة هبوطية، فيما تكافح الحكومة لتحسين هذا الاقتصاد.وفي يناير الماضي، عيّن زعيم المعارضة خوان غوايدو نفسه رئيساً للبلاد، واتهم الرئيس نيكولا مادورو بتزوير الانتخابات. وفي أبريل، دعا غوايدو البلاد بأكملها والجيش للإطاحة بمادورو وحاول الإطاحة بالرئيس بانقلاب عسكري لكن هذه المحاولة باءت بالفشل.

وتعترف أكثر من خمسين دولة بـغوايدو رئيساً شرعياً للبلاد، حيث تواجه فنزويلا حالة من اليأس الاقتصادي بسبب الحصار الخانق الذي تفرضه الولايات المتحدة عليها. وهناك ما يقرب من مليون فنزويلي لجأوا إلى الدول المجاورة بسبب نقص الغذاء والماء والكهرباء والأدوية.

ويبدو أن الوضع الخطير في فنزويلا في الوقت الحالي يتركز في المواجهة السياسية بين مادورو وغوايدو. ويعتقد البعض أنه لا يمكن حل الأزمة إلا من خلال حل إداري سيادي. ويعتبر أن إعلان غوايدو رئيساً ليس مرضياً؛ وأنه واجه مقاومة عنيفة من جانب العسكريين في فنزويلا. يقول في هذا الصدد: «نحتاج اليوم إلى إجراء بعض المفاوضات السياسية في داخل البلاد تتيح اتفاق الفصائل المختلفة على طريقة للخروج من الأزمة».

وتجرى حالياً محادثات بين حكومة فنزويلا والمعارضة في النرويج. لكن جهود الحكومة النرويجية للجمع بين الطرفين تعتبر إيجابية. ويرى البعض أنه: «يجب أن تكون هناك بعض الجهود الإضافية في هذا الشأن، ونحتاج إلى إيجاد قاعدة اجتماعية وسياسية داخل البلاد، ونحتاج على الأخص إلى الجيش الفنزويلي لإقرار حل سياسي».

وفيما يتعلق بالقيادة في فنزويلا، يقترح البعض إعادة تنظيم الانتخابات وإجرائها بصورة نزيهة بمشاركة مراقبين، ثم تتولى القيادة المنتخبة حكم البلاد. لكن المشكلة هي أن خوان غايدو يريد تولي القيادة من دون انتخابات قانونية.

واجتمع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أخيراً وتباحثا بالأزمة السياسية في فنزويلا. وتدعو الولايات المتحدة مادورو إلى التنحي، بينما تدعم روسيا حكومة مادورو المنتخبة وأرسلت خبراء عسكريين إلى هذا البلد الأمريكي الجنوبي.

ويعتقد لوكاس كورنر، وهو محلل سياسي في كاراكاس، أن الوضع صعب للغاية بين الفصيل المعتدل الذي يدعم الحوار والتفاوض، وبين المتشددين في إدارة ترامب الذين يدفعون بنشاط فرض عقوبات خطيرة ومواجهة عسكرية.

ويشير المحللون إلى أن خوان غوايدو يبحث عن انتقال ديمقراطي كامل وإجراء انتخابات حرة في فنزويلا. ويجادلون بأن انتخابات العام الماضي كانت غير قانونية.

ويقول المحللون إن الانتخابات السابقة كانت غير نزيهة فقط لأن الولايات المتحدة تدخلت فيها من خلال التهديد بفرض عقوبات. وأشاروا إلى أنه لم تحدث أي انتهاكات أو عمليات تزوير في مراكز الاقتراع في جميع أنحاء كاراكاس ولم يبلغ أي من الأشخاص عن وجود مخالفات حقيقية. وهو يعتقد أن فنزويلا لديها أكثر النظم الانتخابية شفافية في العالم.

ولا يوجد لدى الولايات المتحدة أوراق اعتماد ديمقراطية للتدخل في فنزويلا. ويشير بعض المراقبين إلى أن مادورو حاول فرض نفسه في الانتخابات وأن نسبة التأييد الداخلي له أقل عن 15 في المئة، وأن أيامه أصبحت معدودة إلى حد كبير.

ويعتقد هؤلاء المحللون أن محاولات خوان غوايدو فرض نفسه لم تفشل لأن الناس يمكنهم رؤيته يحرز تقدماً يوماً بعد يوم. ويضيفون: «ترسل المزيد من المساعدات الإنسانية إلى فنزويلا كل يوم، وتحظى المعارضة بدعم مزيد من المسؤولين العسكريين».

غير أن مراقبين آخرين يعتقدون أن غالبية الدول في العالم لا تزال تواصل إقامة علاقات مع مادورو. وأن الأزمة الاقتصادية عميقة جداً ولم تؤد تدابير الحكومات إلا إلى القليل من التأثير.

ومع ذلك، فإن العقبة الأولى أمام تحسين الوضع الاقتصادي في فنزويلا هي العقوبات الأمريكية، وليس إدارة مادورو التي يجب أن تتخذ خطوات لزيادة إنتاج النفط وتحسين الوضع الاقتصادي.

* نائب وزير الشؤون الخارجية في فنزويلا سابقاً

Email