ما قالته القمة العالمية للحكومات

ت + ت - الحجم الطبيعي

القمة الحكومية ومنذ إطلاقها وهي تقدم لنا التجارب الناجحة والمبادرات الجديدة والمطبقة في بلدان العالم المختلفة، لتمثل خارطة طريق للدول الراغبة والطامحة إلى تقديم أفضل الممارسات، وضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات في دورتها السابعة التي عقدت بدبي خلال الفترة من 10 - 12 فبراير 2019.

وضمن مداخلة معالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، كان الحديث حول وظائف المستقبل حيث ذكر أن هناك عدداً من الوظائف ستختفي. وستحل محلها وظائف جديدة، وعلى المجتمع أن يتهيأ لوظائف أخرى تحتاجها مرحلة المستقبل المنتظر، كما أن العملات المتداولة ستختفي وسيحل محلها بطاقات الائتمان. ولقد استمعنا إلى ذلك الحديث بإمعان غير مستنكرين حدوثه، لكن توقع حصوله قريباً كان موضع تفكير.. لما يحتاجه ذلك من إجراءات وترتيبات وإعداد وتعليم.

قبل أيام كنت برفقة مجموعة من الزملاء في رحلة مثلت بالنسبة لنا عالماً جديداً، حيث غادرنا الدولة إلى الدنمارك لنشارك في الرحلة البحرية (الكروز) وبعد وصولنا إلى الفندق الذي تم الحجز فيه للإقامة ثلاث ليال به كان أمامنا في بهو الفندق عدد من أجهزة الحاسوب، تستقبل الضيوف لإتمام عملية التسجيل والدخول واستلام المفاتيح، وبمساعدة بعض الموظفين تم إجراء كل ذلك في دقائق.

حيث تمكنت المجموعة وعددها ثلاثة عشر فرداً من الإجراء الذاتي لذلك حيث كان على كل فرد إدخال بيانات الحجز والعنوان والبريد الإلكتروني، ثم يقوم بوضع جواز سفره للمسح الضوئي، واختيار موقع الغرفة في الأدوار العليا أم السفلى، وهل هي في أروقة المدخنين أم غير المدخنين. ثم أخذ نسخة من المفاتيح الموجودة بجانب الجهاز ووضعها على الجهاز لتفعيل المفتاح.

كان المشهد يؤكد أن تعميم ذلك في جميع الفنادق سيلغي وظيفة موظفي الاستقبال أو يقلص أعدادهم.

مشهد آخر كان بمطار كوبنهاجن عندما كنا نغادرها إلى ستوكهولم على الخطوط النرويجية حيث قابلتنا كذلك أجهزة لإتمام عملية المغادرة باستخراج شريط تعريف الحقائب وبطاقة ركوب الطائرة، ثم الانتقال إلى مكان وزن الحقائب وإيداعها، فإذا ما توافق وزن الحقيبة مع الوزن المحدد تم تمريرها وإلا فإن على المسافر أن يسحبها ويعدل مستوى الوزن. خدمة ذاتية يقوم بها المسافر وحده، وإن أشكلت عليه بعض الإجراءات كان هناك من يأتي ليرشده. ولو تم تعميم هذه الإجراءات بجميع المطارات سيتم الاستغناء عن موظفي إجراءات السفر. وقد شرعت سلطة مطار دبي في تنفيذ إجراء التسجيل الذاتي في بعض العمليات.

وبعد انتهاء الإجراءات دار الحديث بين المجموعة حول جدوى هذا التحول فذهب فريق إلى أن هذا سيكون في مصلحة الدول التي تعاني من قلة الأيدي العاملة لديها، وتضطر للاستعانة بالعمالة الوافدة التي تمثل بالتالي هدراً للأموال وزيادة معدلات مبالغ التحويلات السنوية التي يحولها العاملون الأجانب إلى الخارج، وستعتمد هذه الدول على أبنائها وتدربهم على هذه الوظائف، ووظائف المستقبل التي ستحل محل كثير من وظائف اليوم.

بينما رأى فريق آخر صحة ذلك وتأييده مع الاحتراز بأنه بالنسبة للإمارات مثلاً ستكون له آثار سلبية على الاقتصاد المبني على التطوير العقاري، فلو تم الاستغناء عن أعداد ممن يشتغلون هذه الوظائف فقد يؤثر ذلك على إشغال المعروض من المباني للإيجار، وبالتالي تبقى الأبراج والبنايات والبيوت لا تجد من يشغلها.

لذا على من يفكر في وظائف المستقبل أن يتناول الموضوع بإيجابياته وسلبياته، والتنسيق لوضع السبل الكفيلة بإعداد الجيل لوظائف المستقبل من حيث التعليم وتوفير ممكنات ذلك.

مشهد آخر من مشاهد المستجدات المتوقعة مستقبلاً عندما ركبنا الباخرة حيث استلمنا بطاقة قبل الركوب كانت بمثابة بطاقة تعريف ركوب الباخرة والنزول منها، ومفتاح الغرفة بل وبطاقة التعاملات المالية من شراء في أسواق الباخرة أو الاستفادة من الخدمات غير المشمولة في العرض المتفق عليه.

مما يعني أنك لن تستعمل العملات النقدية خلال وجودك على ظهر الباخرة. وقبل انتهاء الرحلة تقف أمام المحاسب ليقدم لك كشفاً بالحساب لتصادق على صحته، وإذا ما تم ذلك عليك أن تنزل دون دفع أية مبالغ حيث سيتم استقطاع ما عليك عبر البطاقة الائتمانية التي قدمتها، وهذا مؤشر إلى أن العملات ستختفي مستقبلاً من التداول اليومي، ويذكر أن السويد تفكر بإلغاء العملة في حوالي عام 2030.

فمرحباً بالمستقبل وما يحمله، ولنعد أنفسنا وأجيالنا لذلك.

* رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم

 

Email