عروبة 30 يونيو

ت + ت - الحجم الطبيعي

في مثل هذا التوقيت قبل 6 سنوات، حبس العرب أنفاسهم انتظاراً لثورة المصريين في 30 يونيو.. الحدث عظيم.. الإرادة قوية.. يسقط حكم المرشد.. عشرات الملايين خرجت إلى الشوارع لعزل الرئيس الإخواني. مصر عصية على الاختطاف. قال المصريون كلمتهم فصفق الأشقاء العرب تضامناً وتحالفاً للخلاص من حكم ظلامي لو نجح في مصر لقضى على المنطقة بأكملها.

هذه الثورة جاءت لتحرير وإنقاذ الهوية المصرية والعربية من قبضة تنظيمات وميليشيات إرهابية وصلت إلى الحكم بأجندة تخريبية، وجدول أعمال هدفه تمكين التنظيم الدولي للإخوان من مفاصل الدول العربية، لكن المصريين رفضوا الاستسلام لحكم ديكتاتوري فاشي، أعلن فشله من اليوم الأول. فتح أبواب السجون لقادة الإرهاب العالميين ومكنهم من المشاركة في الحكم. كان يعلم أن سيطرته على مصر تعني امتلاكه مفاتيح المنطقة، ومن ثم البدء في تنفيذ مشروع الخلافة العابر للحدود برعاية تركيا وقطر، وصولاً إلى تغيير ملامح الهوية العربية.

اللافت خلال عام حكم الجماعة الإرهابية والثابت في أوراق القضاء أن الجماعة كانت تتخابر مع أجهزة خارجية ضد مصر والمنطقة، مارست كل صنوف وأنواع العنف بل اعتبرت أن الميليشيات هي المخزون الاستراتيجي لها وقت الأزمات، شرعت في استنساخ تجربة الملالي في تأسيس حرس ثوري يحمي نظامها الفاشل، كسرت جميع القوانين والدساتير المعمول بها. حاصرت المحكمة الدستورية العليا لمدة 18 يوماً في رسالة تؤكد أنها لا تحترم القضاء ولا الدستور. حاصرت مدينة الإنتاج الإعلامي بعد أن كشف الإعلام زيف وكذب وخيانة حكم الجماعة التي لم تترك كبيرة ولا صغيرة إلا وجعلتها تحت هيمنة ونفوذ مكتب الإرشاد.

عاث الإخوان في الأرض فساداً، ولم يعرفوا قيمة الدولة المصرية، مارسوا كل أنواع الصفقات السياسية المشبوهة التي كادت أن تأخذ مصر والمنطقة إلى مستقبل مظلم.

الآن يعرف المصريون عظمة ونبل قرارهم للقيام بهذه الثورة ضد حكم المرشد، فقد تحررت الدولة المصرية من حكم الأفكار المسمومة، واحتفظت بهويتها وحضارتها حفاظاً على مستقبلها ومستقبل أبنائها، وأنهت مشروعاً كان يتم التخطيط له منذ سنوات طويلة بهدف تقسيم الشرق الأوسط وإعادة رسم خريطته من جديد على مقاس التنظيم الدولي وأجندة القوى الخارجية التي تستخدم هذه الجماعة.

أيضاً الذي يستحق التوقف عند الحديث عن ثورة 30 يونيو هو المواقف البطولية والوطنية التي قام بها الأشقاء العرب وفي مقدمتهم دولة الإمارات العربية المتحدة، فمن الوهلة الأولى لحشود المصريين أعلنت قيادة الإمارات انحيازها الكامل ودعمها السياسي والاقتصادي بكل قوة لثورة المصريين ومساندتها لإنهاء حكم المرشد وعودة الدولة المصرية التي حاولت الجماعة الإرهابية اختطافها، فلم ينس المصريون مبادرات دولة الإمارات في الإعلان عن موقفها علانية وبكل قوة أمام جميع المحافل العالمية.

الأشقاء العرب يدركون أن هذه الثورة هي بمثابة الإنقاذ والحماية للأمن القومي العربي، وأن نجاة مصر من الانهيار والتقسيم هي نجاة حقيقة للمنطقة والإقليم بالكامل، سيما أن أجندة هذه الجماعة الإرهابية كانت تضمن توسيع الحكم من مصر إلى باقي الدول المجاورة لها وكانت تعمل بكل قوة على تنفيذ ذلك لكن إرادة المصريين كانت أقوى، ويقظة العروبة كشفت زيف الأفكار والمخططات الإخوانية وقطعت الطريق أمامها.

تظل (30 يونيو) هي الرقم الصعب في تاريخ المنطقة كلما مرت عليها الأزمنة تكشفت حقائقها وتأكدت فوائدها، فهذا اليوم هو صفعة قوية على وجه الإخوان ومن يتحالف معهم ومن يدعمهم ومن يمولهم ومن يؤيدهم، ففي ذاكرة الأمم دائماً أيام وأحداث لا تنسى، الآن بعد مرور 6 سنوات فقد بات على المصريين والعرب أن يفخروا بعروبة 30 يونيو.

* رئيس تحرير مجلة «الأهرام العربي»

Email