مع السعودية ضد تهديدات إيران

ت + ت - الحجم الطبيعي

تبذل المملكة العربية السعودية جهوداً كبيرة من أجل الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، وجاءت القمم المتعاقبة الثلاث التي عقدت في مكة المكرمة، ورأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، القمة الإسلامية التي دعا إلى حضورها 57 دولة، على مستوى الرؤساء والملوك، والقمة العربية التي شهدها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وقمة الدول الخليجية،.

والتي شهدت حضوراً حاشداً لتعكس حجم المساندة السياسية القوية من جانب الجميع لمواقف وسياسات المملكة إزاء الأزمة الإيرانية والتهديدات المتتابعة من جانب طهران ووكلائها الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، والقوات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني في سوريا، كما أكد هذا الحضور الحاشد حق السعودية في صون أمنها والحفاظ على استقرار المنطقة.

وضمان حرية الملاحة في مضيق هرمز وباب المندب، والتصدي لجماعات الإرهاب التي تمارس العديد من صور التخريب الإرهابي التي تعوق حرية التجارة الدولية، وطالبت القمم الثلاث في إعلانها المهم إيران بوقف تدخلها في الشأن العربي، وتوقف عملائها الذين يمدون نفوذهم عبر أربع دول عربية، اليمن ولبنان وسوريا والعراق عن الإضرار بمصالح الأمن العربي.

كما دعت المجتمع الدولي والأمم المتحدة وجميع شعوب العالم المحبة للسلام إلى ممارسة كل الضغوط الممكنة على إيران ووكلائها وعملائها لإلزام طهران باحترام الشرعية والقانون الدولي.

لم تذهب القمم الثلاث إلى أي إجراءات محددة ومباشرة، وركزت كل مواقفها على الدعم السياسي للسعودية في مواجهة تهديدات إيران ووكلائها، لأن السعودية لم تطلب أكثر من ذلك، ولأن المجتمعين في القمم الثلاث لا يريدون توسيع دوائر التوتر، ولا يدعون إلى حرب مع إيران.

كما أنهم يرفضون بصورة مطلقة تصوير المشكلة على أنها صراع طائفي ديني، على العكس كان ثمة حرص واضح في أعمال القمم الثلاث على رفض هذا التوجه حرصاً على وحدة الموقف الإسلامي.

لكن القمم الثلاث عبرت بوضوح بالغ عن رفضها النزعة التوسعية الإيرانية التي حكمت سياسات طهران خلال فترة حكم الشاه وامتدت صورة النزعة وكبرت مع حكم الملالي الذين تصوروا أنهم يقدرون على إخفاء هذه النزعة تحت شعارات تصدير الثورة التي كانت ولا تزال جزءاً جوهرياً من سياسات طهران لتبرير تدخلها في شؤون الآخرين.

خلاصة القول أن القمم الثلاث التزمت في قراراتها وإعلانها الحد الأدنى المتمثل في الدعم السياسي الواضح لمواقف السعودية من الأزمة، رغم أن الرأي العام العربي والإسلامي كان يذهب في أغلبه إلى ضرورة أن يصدر عن القمم الثلاث تأييد واضح لحق العرب في تعزيز قوتهم العربية المشتركة كي يصبح للأمن العربي قوة تحافظ على الحد الأدنى بشروطه، وتخفف الاعتماد على الآخرين.

ما نسمعه الآن من جواد ظريف وزير خارجية إيران من أن طهران لا تريد المساس بالأمن العربي وتريد علاقات جوار وسلام مع الأشقاء العرب هو كلام يشكل جزءاً من الدعاية الإيرانية، لم يترجم نفسه في أي نوايا حسنة أو إجراءات مقبولة، ولم يصل حتى إلى مسامع أي دولة عربية، وإنما الذي وصل بوضوح قاطع عمليات التخريب التي تمت للسفن والناقلات العربية أمام ساحل الفجيرة .

وفي خليج عمان، كما تصل صواريخ الحوثيين إلى الرياض ومكة، وكما تصل تهديدات الحرس الثوري الإيراني بإغلاق مضيق هرمز إلى أسماع الجميع، ولا يعني ذلك أن العرب يرفضون السلام مع إيران، على العكس هذا ما يريده العرب مصداقاً لأخوة الجيرة والدين، لكن السلام يتطلب حسن النوايا، ووقف أعمال الحوثيين وصواريخهم والكف عن تهديد حرية الملاحة في مضيق هرمز.

لكن الواضح أن الإيرانيين مستمرون في المراوغة بحجة أن الوقت ليس ملائماً للتفاوض! ولو أن الإيرانيين يريدون حقاً علاقات سلام وجيرة طيبة مع العرب فعليهم أن يظهروا النوايا الحسنة، ولو بالعمل على وقف حرب اليمن لدواعٍ إنسانية تتعلق بالشعب اليمني الذي يعاني الفقر والجوع والمرض وانتشار الأوبئة، بدلاً من أن تمد طهران الحوثيين بآلاف الصواريخ كي يمارسوا عدوانهم على السعودية.

* كاتب ومحلل سياسي

 

Email