تنوير زايد وشعبه

ت + ت - الحجم الطبيعي

تهتم دولة الإمارات ببناء نهضة تنويرية متميزة من خلال رفد العقول بقيم المعرفة والعلم ونشر التطور والازدهار والتسامح لبناء مجتمع متقدم ودولة رائدة، وهو تنويرٌ يستلهم جذوره من القيم العربية والإسلامية، ويتفرع إلى ما وصلت إليه البشرية من تقدم في مختلف الميادين، وترتبط كلمة التنوير في اللغة العربية بالإنارة، وهي الإضاءة، قال الجوهري: «أنار الشيء أي: أضاء، والتنوير: الإنارة»، ومن أهم صور ذلك التنوير المعنوي الذي تنعكس آثاره على الواقع الحسي نهضة وازدهاراً وتسامحاً واستقراراً.

ومن أهم قيم التنوير التي أعلى شأنها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والقيادة الحكيمة التي كانت خير خلف لخير سلف قيم الاتحاد والتلاحم والتكاتف، فجاء تأسيس دولة الإمارات تعبيراً عن الإيمان العميق بهذه القيمة التنويرية الراقية، واستمرت العناية بالاتحاد حتى غدا كالطود الشامخ لا تهزه رياح، ولا تميل به عواصف، وأصبح مجتمع الإمارات أسرة واحدة تجمعها المحبة والتآلف والانتماء للوطن وقيادته.

ومن قيم التنوير الإماراتي العناية بالعلم والمعرفة، وتنشئة العقول على ذلك، فلم يزل التعليم محط عناية القيادة الحكيمة منذ تأسيس دولة الإمارات، فأُنشئت المدارس والجامعات، ووُضعت الخطط لمكافحة الأمية بكل الوسائل، حتى انتشر التعليم انتشار الخضرة اليانعة بعد المطر، واقتحم أبناء الإمارات مختلف المجالات والتخصصات، وظهرت أسماء إماراتية لامعة في الطب والهندسة وعلوم الفضاء وغيرها.

ومن مظاهر التنوير الإماراتي البارزة ما تنعم به دولة الإمارات من التنمية والتقدم والازدهار التي عمت أرجاءها، وغدت فيها نموذجاً يحتذى، ولا تزال دولة الإمارات ترتقي من نجاح إلى نجاح، وتحقق أرقاماً قياسية وقفزات نوعية في مؤشرات التنافسية العالمية، حتى أضحت موئلاً يتفيأ ظلالها أكثر من مائتي جنسية من حول العالم، ينعمون جميعاً بالرخاء والازدهار والأمن والاستقرار.

ومن قيم التنوير الإماراتي المشرقة الاعتدال والوسطية وترشيد الخطاب الديني والفكري ليقوم على صحيح الدين والفكر الراقي، فلا مكان لأفكار متطرفة، ولا تنظيمات متشددة، وقد تشرَّب شعب الإمارات هذه القيمة المهمة، فلَفَظَ كل فكر متطرف، سواء أكان إرهاباً وتطرفاً دينياً، أو انحلالاً أخلاقياً وتطرفاً إلحادياً، فقد حرصت دولة الإمارات على مكافحة التطرف بكل أنواعه ومظاهره، فإن التطرف والطائفية والعنصرية من أكبر التحديات وأخطرها، وخاصة إذا دعمتها أنظمة ظلامية، تنشر التخلف والظلام، وتزعزع الاستقرار والوئام، قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي: «نحن دول تستطيع أن تضاعف من تطوير التنمية في منطقة الشرق الأوسط ولكن هناك أصوات التخلف والتطرف، ومن يريد أن ينظر إلى الماضي ولا يريد أن ينظر إلى المستقبل، من يريد أن ينظر للنظرة العنصرية وليس للنظرة الإنسانية، من يعتقد أنه أفضل من الآخرين وأسمى منهم وأن تراثه أرقى من تراثهم»، وأكد سموه أهمية التصدي لذلك بالمواجهة الفكرية المستنيرة.

ومن قيم التنوير الإماراتي المحافظة على الهوية الوطنية، والعادات والتقاليد الأصيلة، فالتنوير الإماراتي يقوم على تحقيق التوازن بين الماضي والحاضر والمستقبل، ولا تزال القيادة الحكيمة تؤكد في مختلف المواقف وخاصة لفئة الشباب أهمية التمسك بعاداتهم وتقاليدهم وقيمهم الأصيلة، والحفاظ على هويتهم الوطنية، وترسيخ انتمائهم للوطن بعراقته وأصالته وتاريخه وتراثه.

وكذلك من قيم التنوير الإماراتي المحافظة على الأسرة وتدعيم تماسكها واستقرارها وقدراتها لبناء أجيال المستقبل، واعتماد السياسات الوطنية التي تحقق ذلك، وكذلك العناية بالأخلاق، ورفد الأجيال بها.

ومن أهم مظاهر التنوير الإماراتي التسامح بين البشر، وتحقيق التعايش بينهم، وتعزيز السلام والاستقرار داخلياً وخارجياً، والتأكيد على أن الاختلاف في الأديان والثقافات والأجناس والأعراق لا يعني التناحر والتصارع وإفناء كل طرف للآخر، فالاختلاف سنة كونية، والتعايش واجب ديني وإنساني.

ومن قيم التنوير الإماراتي كذلك العناية بالفنون الثقافية والجمالية كفنون الأدب الشعرية والنثرية، والتصوير والزخرفة والعمارة، والتعبير الجميل عن الكون والحياة والإنسان، وكل فن هادف، والعناية بالأنشطة الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، وتحقيق التواصل الحضاري بين شعوب العالم، وكذلك العناية بالجوانب الترفيهية والترويحية.

إن دولة الإمارات منارة مشعة تبث لمنطقتها وللعالم التنوير الراقي لتبدد ظلام المتطرفين بالفكر المستنير وقيم التسامح والنجاح.

*مدير عام مؤسسة رأس الخيمة للقرآن الكريم وعلومه رئيس مركز جلفار للدراسات والبحوث

ah_alshehi71@hotmail.com

Email