خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لروسيا أخيراً، وافقت بكين وموسكو على الارتقاء بعلاقاتهما إلى شراكة تنسيق استراتيجية شاملة لعصر جديد. وتعتمد عملية الارتقاء على الخصائص الجغرافية والثقافية والتاريخية للبلدين، وهي تمثل محفّزاً للتعاون الاقتصادي بين الصين وروسيا مستقبلاً.

وبناءً على المصالح المشتركة، شهد البلدان تفاعلات مكثفة بين الإدارات الحكومية والمؤسسات والشركات التجارية، وإنشاء آليات لتعزيز التجارة والاستثمارات الثنائية.

في عام 2018، وصل حجم التجارة بين الصين وروسيا إلى مستوى قياسي بلغ 108 مليارات دولار أمريكي وهو آخذ في النمو هذا العام. وشهد تصدير المنتجات الروسية عالية الجودة والفعّالة من حيث التكلفة والصديقة للبيئة إلى الصين زيادة مطردة في السنوات الأخيرة.

والمنتجات الغذائية الروسية الجاهزة مثل الحلوى، الشوكولاته، العسل، زيت عباد الشمس والآيس كريم، معروفة في الواقع لدى المستهلكين الصينيين ويزداد الطلب عليها في الصين. وفي الآونة الأخيرة، أبدى عدد كبير من الشركات الروسية اهتماماً بتوفير اللحوم والدواجن ومنتجات الألبان للسوق الصينية. وقد رفعت القيود التجارية على هذه المنتجات في نهاية عام 2018.

وعلاوة على ذلك، تم توقيع عدد من الاتفاقيات خلال زيارة الرئيس شي لروسيا بهدف زيادة تصدير فول الصويا الروسي والقمح وغيرها من المحاصيل إلى الصين. وهذه الاتفاقيات، إلى جانب مزيد من الانفتاح على سوق اللحوم، عززت التجارة الثنائية بين الدولتين العظميين.

وبخلاف المنتجات الزراعية، شهدت روسيا أيضاً زيادة في تصدير المنتجات البتروكيماوية والأسمدة والأخشاب والسلع ذات التقنية العالية إلى الصين. وينطوي التعاون في مجال الطاقة بين البلدين على إمكانات هائلة.

وبالنظر إلى ما تقدم، ستشهد الصين وروسيا زيادة ملحوظة في التجارة الثنائية في عام 2020 بعد تشغيل الطريق الشرقي لخط أنابيب غاز سيبيريا.

ومنذ عام 2016، تنفذ الصين بنشاط كبير الإصلاح الهيكلي لعملية التوريد، بهدف تعزيز تطوير التكنولوجيا الفائقة في البلاد. ومن خلال تحسين جودة الأجهزة الكهربائية الصينية والمنتجات الهندسية والسلع ذات القيمة المضافة العالية، فإن ذلك سيعزز مطالب العملاء الروس من المنتجات الصينية.

وشهدت الصين وروسيا تعاوناً قوياً في مجالات الطاقة والطائرات والموارد الطبيعية والنقل والبنية التحتية أيضاً.

وتهتم الشركات الصينية بالاستثمار في المناطق الاقتصادية الخاصة في الشرق الأقصى وسيبيريا، التي تمثل أقاليم التنمية المتقدمة، حيث تتوفر تعرفات جمركية تفضيلية وإجراءات إدارية مبسطة.

ويمكن للبلدين التعاون بشكل أكبر في المعارض. وتشارك الشركات الصينية في المعارض والأنشطة التجارية الكبرى والمناسبات المهمة في روسيا.

تجدر الإشارة إلى أن الشركات الصينية شاركت في جميع المعارض تقريباً في مركز موسكو للمعارض في عام 2018. ومن بين جميع الشركات العارضة، هناك أكثر من 10٪ منها صينية، وتشغل حوالي 8٪ من إجمالي مساحة المعرض.

وتعارض كل من الصين وروسيا بشدة الحمائية التجارية والمنافسة غير العادلة وتسييس الاقتصاد العالمي. وقد كرر الزعيمان الصيني والروسي ذلك في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي العالمي الذي اختتم أخيراً. ويوضح نجاح التعاون الصيني - الروسي أهمية المبادئ المحددة للسوق في التجارة الثنائية. وفي الوقت نفسه، يجب على الجهات الحكومية في كلا البلدين توفير ظروف مواتية لإزالة الحواجز التجارية الخارجية.

ويعتمد التعاون الصيني- الروسي على المنافع المتبادلة ويتوافق مع مبادئ منظمة التجارة العالمية. وتعاون البلدان في إطار منظمتي شنغهاي للتعاون و«بريكس» الملهمتين لبلدان أخرى. كما يستحق تكامل الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي ومبادرة الحزام والطريق الإشادة بهما أيضاً.

ومما لا شك فيه أن التعاون الاقتصادي بين الصين وروسيا يواجه تحديات، على خلفية العقوبات التي تفرضها واشنطن على روسيا، كما يعاني الدعم المالي لصفقات الاستثمار بين البلدين بعض العقبات. ومع ذلك لا تزال العلاقات الاقتصادية بين الصين وروسيا قوية، خاصة بعد أن شنت الولايات المتحدة حرباً تجارية ضد بكين. وتحظى الشركات الصينية والروسية بقدر كبير من الاستقرار والقدرة على التنبؤ بمسارها، ما يساهم في ازدهار العلاقات بين البلدين.

* خبير اقتصادي روسي