إيران وتقاطع الطرق

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالنسبة لعدد كبير من دول العالم-بعضها عربية-إدارة الرئيس دونالد ترامب على حق في الضغط على النظام الإيراني من أجل تغيير سلوكه السياسي ليكون دولة طبيعية لكن المؤسف أن قادة إيران يكابرون في لحظة تاريخية تحتاج منهم شجاعة في تحمل المسؤولية الوطنية يتجاوزون من خلالها خداع أنفسهم كأنهم غير مدركين ما يحصل من تغييرات في المزاج السياسي العالمي في التعامل مع غطرستهم حتى مع أصدقائهم وحلفائهم.

لا يمكن الحديث عن تحقيق السلام أو استقرار منطقة الشرق الأوسط، التي تعتبر مهمة في الاستراتيجية الدولية، إلا بتغيير سلوك النظام السياسي الإيراني من تهديداته باستهداف الدول المجاورة له أو المصالح الدولية هذه الحقيقة يمكن التأكد منها من خلال الحملات التخريبية للسفن الناقلة للنفط ومن اللغة التي يستخدمها حالياً في سياسة الشد والجذب مع الإدارة الأمريكية وتوصياته للميليشيات التابعة له في المنطقة من أجل رفع حدة التوتر في العلاقات الأمريكية -الإيرانية.

ومنطق الأمور كما نراه هذه الأيام يقول من الصعب النجاح في نشر ثقافة الثقة إلى أي دعوة بعدم الاعتداء من قبل السياسيين في إيران كما لا يمكن الحديث عن الاطمئنان لما يمكن أن يفعله بعض القائمين على هذا النظام في أية دولة عربية أو خليجية بما فيها التي تعتقد أنها تتميز بعلاقات خاصة مع النظام الإيراني، ما لم يتم تغيير لغة الحوار وبالتالي سلوك ساسة إيران المتمثل في التهديد بالانتقام من الولايات المتحدة من خلال: افتراض عداوة الدول المجاورة في مخيلتها السياسية وبثها للإنسان الإيراني البسيط.

الحديث كله -إقليمياً ودولياً- أنه لا أحد يريد تغيير النظام الإيراني لأنه في الحقيقة تبعاته كارثية نتيجة لتداعيات متراكمة اقتصادية وسياسية واجتماعية في الداخل الإيراني وبالتالي فمن الأفضل تعديل سياسته لمصلحة العالم ولمصلحة الدولة الإيرانية نفسها، والحديث أيضاً أنه لا توجد رغبة في شن حرب شاملة ضدها -وهذه ليست فقط رغبة أمريكية- وإنما رغبة أغلب دول العالم وعلى رأسها دول مجلس التعاون الخليجي، ولا يوجد من يريد أن يجعل من إيران سويسرا الشرق الأوسط في تعاملها مع المجتمع الدولي، وإنما فقط المطلوب منها احترام دول الجوار ونشر ثقافة الازدهار والتنمية التي تخدم الشعب الإيراني..

النظام الإيراني الآن في مفترق الطريق إما أن يتغير بتفاهم مع متطلبات التغيرات في السياسة الدولية التي بدأت تضيق الخناق عليه ويزيل حالة «شك» دول العالم بخطورة هذا النظام، أو أن هذا النظام سيتراجع إلى أسوأ حالاته وبالتالي سيتسبب في كارثة استراتيجية على دولته وعلى الإقليم، فكما يبدو أن الأمر لن ينتهي دون خطوة إجرائية إما من النظام الإيراني أو من المجتمع الدولي ولكن طبيعتها في قيد الانتظار عما ستسفر عنه الجولات المكوكية للدبلوماسيين في العالم إلى طهران.

مشكلة المجتمع الدولي مع النظام الإيراني أنه لا يريد أن يكون دولة طبيعية ويتعامل وفق المبادئ الدولية، كما تكمن المشكلة أنه يتعامل مع جواره بغطرسة سياسية، وبالتالي فهو نظام فاقد لمصداقية التعامل والثقة فيه، وهما عاملان مهمان في العلاقات بين الدول، ولكن في المقابل ليس الحل في تجاهل ما يفعله أو تقبله وتركه يتمادى كما تطالب بعض الدول والأنظمة في منطقتنا.

ليس الحل في تقبل دول المنطقة للغطرسة الإيرانية واعتبارها من مسلمات التعامل معه لأن ذلك سيتسبب في المزيد من تمزيق العرب لصالح مشاريع إيران السياسية. وإذا لم يقتنع النظام الإيراني بالندية السياسية مع الدول العربية فإن ذلك يعني مضاعفة محنته مع العالم، فالعرب خاصة الخليجيون جزء مهم من التعامل الإيراني مع الخارج.

يبقى الحل بيد هذا النظام في الخروج من هذه المحنة من خلال زرع الثقة والتهدئة مع جواره أولاً قبل العالم، إن كان فعلاً معنياً بمستقبل بلاده ومواطنيه.

Email