الروهينغا.. حتى لا يبقى الخبز هو الأمل

ت + ت - الحجم الطبيعي

اضطر أكثر من 900.000 شخص من الروهينغا للفرار بحياتهم خلال العقدين الماضيين هرباً من أعمال العنف العرقي في ميانمار. غادر نحو 745.000 شخص منهم في موجات متتالية منذ شهر أغسطس 2017 فقط، تاركين وراءهم ديارهم في ميانمار بحثاً عن الأمن والأمان في بنغلاديش. وانتهى المطاف بهم في مخيم كوكس بازار الذي أصبح يشكل أكثر المخيمات ازدحاماً في العالم.

وقد تسبب هذا النزوح الجماعي الضخم في استنزاف كبير وغير مسبوق للموارد المتواضعة للمجتمع المضيف. كما شكل ضغطاً كبيراً على قدرة المجتمع الدولي على الاستجابة الإنسانية ووضع تحديات هائلة أمام عمال الإغاثة لتلبية الاحتياجات الأساسية للوافدين على المخيم ومواجهة أضرار الأمطار الموسمية والأعاصير والتخفيف من آثارها المدمرة.

لذلك، فمن المهم للغاية أن يستمر اهتمام المجتمع الدولي بقضية الروهينغا وأن يواصل العالم تقديم دعمه لجهود الاستجابة الإنسانية لهذه الأزمة على جميع المستويات وفي مختلف أرجاء المخيم والمناطق المحيطة به.

كما أنه من المهم أيضاً دعم الجهود التي يبذلها برنامج الأغذية العالمي والمجتمع الإنساني لتحقيق الأمن الغذائي في المخيم والمحافظة عليه، والعمل على إنقاذ الأرواح وحماية صحة المقيمين فيه، وتطوير سبل عيشهم، وتحسين ظروف التعليم داخل المخيم، وتمكين المرأة لمصلحة أطفالها وأسرتها ككل.

إن ضمان الأمن الغذائي أمر ضروري لحفظ كرامة سكان المخيم وحماية المكاسب التي تم تحقيقها في مختلف مجالات الاستجابة الإنسانية داخل المخيم وفي المناطق المحيطة به.

ولا تزال غالبية الروهينغا في كوكس بازار تعتمد على المساعدات الغذائية للبقاء. لذلك لا بد من دعم برامج الاعتماد على الذات عبر مبادرات متكاملة لتعزيز سبل العيش وتطوير المهارات، مثل المبادرات المُعتَمَدَة من قبل برنامج الأغذية العالمي، والتي تشمل مجموعة من برامج بناء القدرات كالزراعات النباتية، ووحدات الإنتاج المصغرة، وبرامج التدريب على الزراعة المائية.

ومن شأن هذا ألا يسهم فقط في تحسين فرص حصول الروهينغا على مواد غذائية أكثر تنوعاً، بل يساهم أيضاً في توفير فرص اقتصادية لهم وللمجتمع المضيف ويعزز سبل العيش بالمخيم. والأهم من ذلك أنه يمكنهم من الاستفادة من المساعدات الإنسانية بطريقة تحفظ كرامتهم وتعزز قدرتهم على الاعتماد على الذات.

إن الفشل في المحافظة على الأمن الغذائي يمكن أن يعرض الإنجازات الإنسانية التي تم الوصول إليها في المخيم للخطر ويؤدي إلى تدهور في الوضع الأمني داخل المخيم والمناطق المحيطة به.

فالوصول إلى الغذاء بطريقة آمنة وكريمة يشكل حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، وعندما يتعرض الأمن الغذائي للخطر، فإن ذلك يشكل خطراً على الأمن ككل.

لذلك، فإن حماية وتعزيز الأمن الغذائي الذي حققه برنامج الأغذية العالمي، بدعم من المجتمع الدولي، أمر حيوي لتحقيق المزيد من المكاسب في مختلف مجالات الاستجابة الإنسانية في المخيم والمناطق المحيطة به.

وغياب الدعم والتمويل المناسب، يشكل خطراً على الأمن الغذائي والاستقرار في المخيم، ويهدد سير واستمرار المبادرات الإنسانية التي وضعها برنامج الأغذية العالمي لتحسين الأمن الغذائي، بما في ذلك التغذية المدرسية، وبرامج الحد من سوء التغذية، ومبادرات تعزيز سبل العيش.

إن الدعم المستدام للمجتمع الدولي ضروري للاستمرار في تلبية الاحتياجات الإنسانية للروهينغا والمجتمع المضيف بشكل فعّال خلال عام 2019 وما بعده.

وفي هذا السياق، فإن الحملات الشعبية الهادفة مثل حملة «من الإمارات لأطفال ونساء الروهينغا»، التي أطلقتها الإمارات العربية المتحدة أخيراً للتخفيف من أزمة الروهينغا والاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتزايدة في مجال توفير الغذاء والماء وخدمات الصحة والتعليم والصرف الصحي لسكان المخيم، تسهم بشكل كبير في حشد الدعم والتمويل الضروريين للاستجابة الإنسانية في حالة الأزمات.

كما أنها تلقي الضوء على العديد من الأزمات الإنسانية في العالم وتساهم في رفع الوعي الشعبي بها، خصوصاً وأن بعض الأزمات تتعرض أحياناً للنسيان نتيجة ظهور أزمات جديدة تستقطب انتباه الرأي العالمي وتستحوذ على المجال الإعلامي.

Email