مكة أدرى بشعاب الملالي

على مدار 48 ساعة بمكة المكرمة، عشنا أجواء ثلاث قمم عربية وخليجية وإسلامية، بدعوة من الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين. القمم جاءت في الوقت المناسب.

المنطقة تشهد تحديات كبيرة، التصعيد يتزايد بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران. الملالي يحاولون خلق أزمات خاصة في منطقة الخليج. الاعتداءات على أربع سفن تجارية بالقرب من سواحل الإمارات، واستهداف محطتي ضخ للبترول تابعتين للمملكة العربية السعودية، هي محاولات من النظام الإيراني لجس نبض الخليج.

التجاوزات الإيرانية صارت علنية. لا وقت للسماح لتهديد الأمن القومي العربي. القمم الثلاث تضمنت رسائل واضحة لمحور الشر، الذي بات يمارس عبثاً ممنهجاً.

في مقدم هذه الرسائل، إدانة الأعمال التي قامت بها ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، والتأكيد على أن الدول العربية تسعى إلى استعادة الاستقرار والأمن بالمنطقة، وأن السبيل الحقيقي والوحيد لذلك، إنما يتمثل في احترام جميع الدول في المنطقة لمبادئ حسن الجوار، والتأكيد على تضامن وتكاتف الدول العربية في وجه التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية، بهدف زعزعة أمنها واستقرارها، هذا فضلاً عن أن القمة كانت واضحة في إدانة استمرار عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية إيرانية الصنع على المملكة العربية السعودية، من الأراضي اليمنية، من قبل ميليشيا الحوثي التابعة لإيران، واعتبار ذلك تهديداً للأمن القومي العربي.

وإدانة التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، ومساندة الإرهاب وتدريب الإرهابيين، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وإثارة النعرات الطائفية لزعزعة الأمن والنظام والاستقرار.

كما أن إدانة استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، تصدرت اهتمامات القمة، التي أيدت كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها دولة الإمارات العربية المتحدة لاستعادة سيادتها على جزرها. وفي ما يتعلق بإعلام الملالي، الذي يبث سمومه لخدمة مشروعه التخريبي، فقد جاء الرد حاسماً باستمرار حظر القنوات الفضائية الممولة من إيران على الأقمار الصناعية العربية.

أيضاً نالت القضية السورية اهتماماً واسعاً، عبّر عنه القادة والزعماء من خلال التنديد بالتدخل الإيراني، وما يحمله من تداعيات خطيرة على مستقبل سوريا، وسيادتها وأمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية. وفيما تظل القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية، أكدت القمة على تمسكها بقرارات القمة العربية التاسعة والعشرين في الظهران (قمة القدس)، وكذا قرارات القمة العربية الثلاثين في تونس.

أيضاً من بين رسائل قمة مجلس التعاون الخليجي، التأكيد على قوة وتماسك دوله، ووحدة الصف بين أعضائه، لمواجهة هذه التهديدات، لما يربط بينها من علاقات خاصة، وسمات مشتركة، أساسها العقيدة الإسلامية والثقافة العربية، والمصير المشترك، ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها.

هذا فضلاً عن أن قمة مجلس التعاون الخليجي، حرصت علي تأكيد تأييدها للاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران، وتعميق مستوى التنسيق والتشاور بين دول المجلس والولايات المتحدة الأمريكية، وتعزيز التعاون في إطار الشراكة الاستراتيجية والاتفاقيات الثنائية بينهما، بما يحقق أمن واستقرار المنطقة، لمواجهة المخاطر المتعلقة ببرنامج إيران النووي، وبرنامج الصواريخ الباليستية، وأنشطتها المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، ودعمها الإرهاب ومكافحة الأنشطة العدوانية لحزب الله والحرس الثوري وميليشيا الحوثي، وغيرها من التنظيمات الإرهابية.

ربما تكون هذه بعض رسائل قمم مكة، لكن اللافت أن القاسم المشترك بين كلمات الرؤساء والزعماء والقادة العرب، هو «الأمن القومي العربي»، وأن الدفاع عنه وحمايته أمر لا يقبل القسمة على وجهات النظر.

أيضاً الملاحظة التي تستحق التوقف، أن دعوة الملك سلمان بن عبد العزيز لهذه القمم، لاقت استجابة سريعة من جميع القادة العرب والمسلمين، ما يعكس جدية المواجهة والتصدي لهذه المخاطر. نجحت القمم الثلاث. حضر القادة العرب. قالوا كلماتهم بعمق وقوة. مكان وزمان القمم، اختيار صائب في العشر الأواخر من رمضان. فما حدث يؤكد أن مكة أدرى بشعاب الملالي ومخططاتهم.