إسعاد الموظف ضمانة لرفع الأداء في أماكن العمل

ت + ت - الحجم الطبيعي

العمل جزء لا يتجزأ من حياتنا، نعيشه بكل تفاصيله يومياً، فمن الصباح الباكر نخرج من بيوتنا مثلنا مثل ملايين الناس حول العالم، متوجهين إلى مقار أعمالنا، وفي أماكن أعمالنا نقطع أشواطاً كبيرة من العمل والتعلم والتطوير والإنجاز، وبعد يوم مليء بالتفاصيل والأحداث، نخرج من أماكن العمل متوجهين إلى المنزل، بعد أن استنزفنا طاقاتنا كلها من أجل تقديم أفضل عمل ممكن، وأفضل مردود للشركة أو المؤسسة عن الرواتب التي نتقاضاها.

يقضي أغلبنا جل وقته في العمل، ولعلنا لا نجلس مع أسرنا كما نجلس على مكاتبنا للعمل، فعدد ساعات العمل قد تتجاوز عدد ساعة الترفيه في حياتنا، وتتجاوز عدد ساعات تطوير الذات، وعدد ساعات اللعب مع الأولاد، وفي بعض الأحيان تتجاوز عدد ساعات نومنا، فلا ننام بنفس عدد ساعات عملنا في المكاتب، لذا علينا أن نتنبه إلى أننا ننزف كل يوم كماً لا حصر له من الطاقات، بسبب هذه الدوامة التي نعيش بها، ولا سبيل لحل هذه المعضلة سوى إعادة النظر بمفهوم الترفيه في مقار أعمالنا سواء الحكومية أو الخاصة.

إن للترفيه في أماكن العمل مفعول السحر، فإذا جاء الموظف من الصباح الباكر للعمل، ووجد الجو الهادئ والمنظر الخلاب ووسائل الترفيه متوفرة، فسيكون إنتاجه أفضل بكثير مما هو عليه الآن، وبالنسبة للقطاع الحكومي، فالإدارات العليا في مؤسساتنا قد وضعت العديد من الأطر الجديدة للعمل، بحيث يكون الموظف سعيداً في بيئة عمله، وهذا التوجه الرائد توجه مشكور للحكومة أولاً، لأنها هي التي أرست ثقافة السعادة، وتابعت نتائجها في مختلف المؤسسات، ومن ثم لإدارات المؤسسات، إلا أن جزءاً كبيراً من سعادة الموظف يكون بسبب المكان الذي يتواجد فيه كل صباح.

لذا نرى أهمية الالتفات إلى مصطلح «الترفيه عن الموظف» بنفس الاهتمام الذي نجده من قبل المؤسسات بمصطلح «سعادة الموظف»، إن للترفيه أهمية بالغة في شحذ الطاقات خلال ساعات العمل، وكسر الروتين اليومي الذي يعيشه الموظف من تاريخ بدء العمل إلى تاريخ التقاعد، إن تهيئة بيئة العمل بحيث تكون صالحة للمرح والمتعة والترفيه لهو أمر ضروري لنزيد من الإنتاج، ولنقلل الإرهاق، والتسرب الوظيفي، وغيرها من المشكلات التي تتفاقم بسبب الروتين القاتل الذي نحياه يومياً، ومن جملة الاقتراحات التي نعرضها لخلق بيئة جميلة ومرفهه في العمل التالي:

1 تغيير في مكاتب العمل لأن مقار العمل في العادة ما تتسم بالجمود، من ناحية الأثاث والألوان وتوزيع المكاتب والموظفين، ونحن في المؤسسات الحكومية نجد أن الكثير من مقار عملنا تم تصميمها بفخامة لاستقبال المراجعين، ولكن ينقصها القليل من المرح والترفيه للموظفين، ما المانع بأن تحتوي المؤسسات على مكاتب عبارة عن طاولات بلياردو أو طاولة كرة الطاولة أو طاولة قرص متحرك، وما المانع بأن تكون الكراسي أشبه بكراسي الطائرات أو كراسي سيارات السباقات، لماذا لا يكون هناك ركن أخضر في مكاتب عملنا، فيه النوافير والشلالات الصغيرة، التي تريح المراجع والموظف على حد سواء، لماذا لا يتم وضع أجهزة تنقل شخصية آمنه (سكوتر) للتنقل بين الأقسام البعيدة عن بعضها، كما لا نغفل التراث من مقار عملنا، مثل أن يكون هناك جلسة تراثية أو خيمة يعقد بها الموظفون اجتماعاتهم، وغيرها من الأفكار تؤثر بالإيجاب في الموظفين، وتعزز من إنتاجيتهم.

2 طرح دورات تدريبية حرة، تكون خارج مقار العمل، حيث إن للورش التدريبية أهمية كبيرة في زيادة خبرات الموظفين، ولكن هذه الورش والدورات التدريبية غالباً ما تكون ضمن مهامهم الوظيفية، لذا نقترح أن يتم طرح 4 دورات خلال العام تكون دورات حرة يختارها الموظف بنفسه بمعدل دورة من 3 أيام عمل كل ثلاثة أشهر، ويتم طرحها خارج مقار العمل، وبذلك سيحصل الموظف على فرصة للابتعاد قليلة عن مهامه الوظيفية وتنمية ذاته في الجوانب التي هو يحبها.

3 الرحلات الجماعية لأن من أجمل المواقف التي تزرع الولاء المؤسسي في قلب الموظف، وتجعله يتفانى في عمله هو أن يتم توسيع نطاق الاهتمام من الموظف إلى عائلة هذا الموظف، فإذا وجد الموظف أن المؤسسة التي يعمل بها تنظم بعض الأنشطة، التي تشترك فيها عائلته كالرحلات الجماعية والملتقيات سيكون لها بالغ الأثر في سعادته وزيادة كفاءته الوظيفية، كما أن للزيارات الخارجية أثراً طيباً في النفوس، كزيارة مؤسسات أخرى خيرية أو إنسانية أو مؤسسات النفع الاجتماعي، فيوم واحد في السنة يتم تنظيم رحلة ترفيهية فيه، أو زيارة لإحدى درور الرعاية سيكون له بالغ الأثر في نفوس الموظفين.

 

Email