اتفاق المحافظين والعمال على «بريكست»

ت + ت - الحجم الطبيعي

استؤنفت المحادثات بين حزب المحافظين الحاكم في المملكة المتحدة وحزب العمال المعارض الرئيسي في محاولة لصياغة اتفاق تسوية بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وعلى مدار عطلة نهاية الأسبوع الطويلة، أشارت رئيسة الوزراء تيريزا ماي إلى أن زعيم حزب العمل جيرمي كوربين يجب أن يلتزم بالصفقة، بينما ادعت تقارير أخرى أن هناك في الأفق حلاً وسطاً فيما يتعلق بتورط المملكة المتحدة في «اتفاقية جمركية» مع الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، شكك جون ماكدونيل، مستشار حزب العمال، بإمكانية تحقيق انفراجة في هذا الشأن، مدعياً أن رئيسة الوزراء «لا يمكن الوثوق بها». كما أعرب عن مخاوفه من أن فترة ماي في منصبها قد تقترب من نهايتها، والتفاوض معها «يشبه التفاوض مع شركة توشك على الإغلاق».

ولكن حتى لو تم التوصل إلى اتفاق بين قيادتي المحافظين والعمال، فإن ذلك سيكون بعيداً عن نهاية القصة، فالعقبة الأولى هي الحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي. ولا يزال من غير الواضح بعد طبيعة اتفاق التسوية الجمركية الذي قد يتم التوصل إليه، ولكن من المحتمل أن الاتحاد الأوروبي سيكون مفتوحاً لبقاء المملكة المتحدة في شكل من أشكال الاتحاد الجمركي. والمشكلة تأتي مع الشروط الملحقة بمثل هذا الترتيب.

لقد ادعت شخصيات بارزة عدة في حزب العمال مراراً وتكراراً أنه إذا بقيت المملكة المتحدة جزءاً في أي اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، فسيكون من الأهمية بمكان أن يكون للمملكة المتحدة رأي في السياسة التجارية الخاصة به.

ويعمل الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي - والذي تعتبر المملكة المتحدة عضواً فيه حالياً من خلال عضويتها في الاتحاد الأوروبي - ككتلة واحدة لأغراض الاتفاقيات التجارية وفرض الرسوم الجمركية. بمعنى أنه يتفاوض على صفقات تجارية مع دول أخرى، على سبيل المثال، الاتفاقية الأخيرة مع اليابان، ويفرض تعرفة موحدة على البضائع التي تدخل الاتحاد الأوروبي ككتلة واحدة.

وفي حين أن العضوية المنتسبة إلى الاتحاد الجمركي والترتيبات الجمركية الأخرى تبدو ممكنة، كان الاتحاد الأوروبي دائماً واضحاً في سياسته بأنه لن يُسمح إلا للأعضاء الكاملين لديه بأن يكون لهم رأي في السياسة التجارية.

وفي حال رفضت اتفاقية حزب المحافظين - العمل الموافقة على ذلك، فمن غير المرجح أن يقبل الاتحاد الأوروبي الاتفاق. وحتى لو قبلها، فسوف تكون لدينا العقبة التالية - تلك التي تدركها تيريزا ماي جيداً وهي: التصويت على الاتفاقية في مجلس العموم البريطاني.

وفي حين اقتربت صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نسبياً من نهايتها، فمن المحتمل أن تفقد اتفاقية التسوية التي تتضمن أي ترتيب جمركي الكثير من دعمها الحالي.

ولا يحبذ أنصار بريكست في حزب المحافظين فكرة التفاوض مع كوربين على الإطلاق، ناهيك عن دعم الترتيبات التي لا يعتبرونها خروجاً حقيقياً من الاتحاد الأوروبي.

ولكن بالنظر إلى اتفاق قيادة حزب العمل، فمن المرجح أن يأتي كثير من أعضاء البرلمان العمالي لدعم الصفقة في أي تصويت. والسؤال هو: هل ستكون أصوات حزب العمل هذه كافية لتعويض الدعم المفقود للمحافظين؟ ذلك لا يبدو مرجحاً في الوقت الحالي. ويُعتقد أن أكثر من 100 نائب من حزب العمل يؤيدون استفتاءً ثانياً لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومعظمهم يرفضون دعم أي اتفاق إذا كان هذا الاستفتاء لا يشكل جزءاً منه.

ومعظم الأحزاب الأخرى الأصغر في مجلس العموم، مثل الحزب الوطني الإسكتلندي والليبراليين الديمقراطيين وحزب تغيير المملكة المتحدة، كلها تدعم إجراء استفتاء ثانٍ أيضاً، لذلك لن تصوت لمثل هذا الحل الوسط. وهذا يعني أن هناك عدداً كبيراً من المعوقات التي تقف أمام هذا الحل الكبير لبريكست بين المحافظين والعمل، حتى قبل الاتفاق عليه.

ومن المرجح أن يؤدي الاتفاق إلى حدوث انقسام في حزبي المحافظين والعمال على حد سواء، وإذا لم تكن هناك فرصة للموافقة عليه عملياً، فما الفائدة من المخاطرة بهذا الضرر الداخلي للطرفين؟

قد يقول قائل إن كلاً الحزبين يدرك بالفعل هذا تماماً، وأن هذه المحادثات هي ببساطة عرض جانبي لجعل الأمر يبدو وكأنهما يحاولان تطبيق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبيل الانتخابات الأوروبية. يبقى أن نرى ما إذا كان المتشائمون على حق.

Email