مصر والإمارات.. القوة التي تحمي السلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

بينما أنظار العالم تتابع تطورات الأحداث الأخيرة في منطقة الخليج العربي، والتهديدات الخطيرة للسلم العالمي بعد حادث تخريب السفن قرب سواحل الإمارات، ثم استهداف محطتي ضخ البترول في المملكة العربية السعودية.. كان التحرك اللافت هو وصول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى القاهرة، واللقاء المهم الذي عقده مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وما صدر في البيان المقتضب عن الاجتماع من إشارات مهمة لابد من أن الأطراف المعنية قد قرأتها بعناية، وفهمت جيداً الحقيقة الأساسية في موقف مصر الثابت تجاه أمن منطقة الخليج العربي باعتباره جزءاً لا يتجزأ من أمن مصر القومي.الرسالة واضحة.

محاولات التصعيد في المنطقة لابد أن يتحرك العالم كله لمواجهتها، فالخطر يمس الجميع، وتهديد سلامة الملاحة التجارية الدولية أو ضرب إمدادات البترول يفرض على العالم أن يتحرك وأن يردع كل من يتصور أنه قادر، بالابتزاز والبلطجة، أن يوسع نفوذه في المنطقة ويفرض إرادته على العالم!

ومع ذلك، فإن المسؤولية العربية تبقى الأساس في الدفاع عن أمنها، وردع كل محاولات اختراق الأمن العربي أو تهديد استقراره أو السعي للسيطرة على مقدراته!

ولقد كانت أحداث 30 يونيو في مصر نقطة فاصلة في هذا الاتجاه، وعندما تحرك شعب مصر لإسقاط الحكم الإخواني الفاشي، كان تحرك الإمارات مع السعودية لدعم شعب مصر تعبيراً عن الوعي بأن إنقاذ مصر هو إنقاذ للأمة العربية كلها وأن إسقاط الحكم الإخواني هو إسقاط لمخطط هيمنة العصابات الإرهابية على مقدرات العالم العربي، ليكونوا السبيل لخريطة جديدة للمنطقة تلغي كل ما هو عربي، وكل ما هو مستقل ومتقدم من المحيط إلى الخليج.

وعلى هذا الطريق سارت مصر والإمارات معاً تتحملان مسؤولياتهما وتواجهان المصاعب بصلابة المدافعين عن الحق العربي في زمن توهمت فيه قوى الشر أن الأرض العربية مستباحة للأقوى، وأن عصابات الإرهاب ومن يدعمونها يملكون القدرة على إسقاط الدول العربية وإضاعة الحقوق والأوطان.

هكذا وقف التحالف الرباعي العربي ضد كل محاولات شائعة الفوضى والفتن الطائفية والمذهبية في العالم العربي، ولم يتوان عن مواجهة كل عصابات الإرهاب الإخواني أو الداعشي أو الخوميني، وهي تشيع الفوضى وتنشر الدمار وتلعب دورها كأداة لنشر نفوذ أعداء الأمة، وفتح الأبواب لمن يتوهمون إمكانية استعادة السلطنة العثمانية أو الهيمنة الفارسية أو تحويل الوطن العربي إلى كيانات صغيرة تحت النفوذ الصهيوني!

وخلال الأعوام القليلة الماضية تحقق الكثير، انهزمت قوى الإرهاب والداعمين لها في سوريا وفي ليبيا وفي العراق، أجهزت مصر على عصابة الإخوان وحلفائها وطهرت سيناء وحمتها من التآمر الذي لا ينتهي. تم التصدي لمؤامرة إيران الكبرى في اليمن ومحاولة جعله ركيزة لنفوذها وتوسعها في الخليج العربي، كما تم التصدي لمحاولات «السلطان العثمانلي» الجديد الذي تلاحقه الهزائم في عقر داره، ويقاتل الآن من أجل عمودية إسطنبول!!

وفي كل هذه المعارك تعلمنا أن قوتنا وحدها هي الضامن لحماية حقوقنا وفرض إرادتنا ورفض أي مساس باستقرار بلادنا، لم نكن دعاة حرب بل كنا على الدوام دعاة للسلام وللتنمية والتقدم. لكن ما نبنيه يحتاج للحماية، ولن تحميه إلا القوة الذاتية.

ذات يوم كنا نحارب الإرهاب وحدنا كانت قوى كبرى عدة تتحالف مع جماعات الإرهاب وتراهن عليها، لكننا قاومنا وانتصرنا وجعلنا العالم كله يعترف بالحقيقة ويفضح كل جماعات الإرهاب وكل من يدعمونها. اليوم يقف العالم ضد الإرهاب، وتجد الدول التي صدرت الإرهاب أو دعمته نفسها تحت الحصار، وفي هذا الإطار يأتي التحرك الإيراني وأتباعه الحوثيون ومحاولاتهم تصعيد الموقف بتخريب السفن أمام ساحل الإمارات أو باستهداف محطتي ضخ البترول في المملكة السعودية.

وإذا كان العالم كله قد أدان هذه الجرائم، فإن الأهم – بالنسبة لنا – أن ندرك أن ما يفعله الأعداء هو علامة ضعف من قوى أصبحت تدرك أنها لا تستطيع المواجهة. والأهم – بالنسبة لنا وللآخرين – أن يقرأوا الإشارات التي صدرت بعد اللقاء المهم بين الشيخ محمد بن زايد والرئيس السيسي بعد هذه الأحداث، والتي أكدت العديد من الحقائق:

** كانت الرؤية واضحة بضرورة التصدي للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية على نحو يستهدف زعزعة أمن المنطقة وشعوبها.

** وكان التأكيد حاسماً على مواصلة دعم كل الجهود للوصول إلى حلول سياسية للأزمات التي تواجه الدول العربية.

** وكانت هناك إشارة حاسمة على أولوية دعم سيادة الدولة الوطنية على أراضيها والحفاظ على وحدتها وتماسك مؤسساتها وحماية مقدرات شعوبها.

** وكان هناك الأهم وهو التأكيد من جانب الشيخ محمد بن زايد على أن التحديات والمخاطر في المنطقة تحتاج لتحرك عربي فاعل وناشط، وإشادته بدور مصر المحوري كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في المنطقة. وهو أمر يكتمل بتأكيد مصر – مرة أخرى – في هذه الظروف الحاسمة بأن أمن الخليج العربي جزء أساسي من أمن مصر القومي.

والرسالة واضحة.. نحن نسعى للسلام في منطقة القوة التي تحمي وتصون ولا تهدد وتخرب. ونحن ثابتون على مواقفنا.. نرفض أن تكون أرضنا العربية ساحة مستباحة للآخرين، ولا نقبل أن ترفع أعلام دول أخرى في عواصمنا العربية إعلاناً بالهيمنة أو تباهياً بنفوذ مصطنع سيزول حتماً بزوال الميليشيات التي خانت أوطانها وتآمرت مع أعدائها.

نحن نسعى لعلاقات طيبة مع الجميع.. لكننا سنقطع أي يد تمتد بالعدوان أو تتآمر على الأوطان.

 

 

Email