البحث عن تحديات جديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن العالم من حولنا في تطور كبير ومتسارع في جميع مناحي الحياة، وفي مختلف القطاعات، هذا التسارع من حولنا، أجبرنا على أن نكون نحن أيضاً مسرعين نحو كل ما هو جديد، سواء أكان ذلك على مستوى التشريعات والسياسات، أو على مستوى العمل الحكومي أو القطاع الخاص، هذا التقدم الكبير، وعلى رأسه التقدم التقني والذكاء الاصطناعي وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، والتغير الكبير الذي نلمسه كل يوم في أعمالنا، من حيث الاعتماد على تقنيات أسرع وأحدث، تختصر الوقت والمجهود، كل ذلك كفيل بأن يجعلنا ندخل هذا السباق العالمي الكبير، للسير نحو المستقبل، ودخول هذا المضمار ليس ترفاً، بل هو ضرورة لا بد منها، لنضمن اللحاق بالركب العالمي الذي يسير نحو التطور.

إن دولة الإمارات تعتبر أكثر الدول العربية الرائدة في المجالات الذي ذكرناها أعلاه، ومن أفضل دول الشرق الأوسط، بل هي لاعب بدأ يأخذ موقعاً عالمياً في العديد من المجالات، ولكننا تعودنا أن نتطلع للمزيد، ونبحث دائماً عن الفرص الجديدة، فكلما لاحت فرصة للتحسين والتطوير في الأفق، وجدنا الإمارات أول من يسعى إليها، سعياً منها لمواكبة كل ما هو جديد، على مختلف الساحات، وفي مختلف القطاعات.

ومن هذا المنطلق، تم كتابة هذا المقال، لنضع أيدينا على بعض التغيرات المستقبلية، والتحديات التي لا بد من الالتفات لها، لكي ننعم بالمزيد من السعادة والتميز والابتكار والتفوق، ومن هذه التحديات:

أولاً: تطوير المنظومة التعليمية، بحيث تحتوي المناهج الدراسية على مواضيع مهمة في مجالات ريادة الأعمال والقيادة والتجارة، وكما نعلم جميعاً أن التعليم في الإمارات، قفز قفزات كبيرة خلال السنوات الماضية، ولكن نرى أن بعض المواضيع التي تشغل الرأي العام، وتشغل الحكومات، بعيدة كل البعد عن طلابنا في المدارس، هذه المواضيع لو أضفناها إلى مناهجنا، فإنها ستثري المناهج، وستجعل الطالب يطلع على آفاق جديدة في حياته العملية بعد ذلك، ومن هذه المواضيع، موضوع ريادة الأعمال والتجارة بشكل عام، ما المانع من إدخال هذين الموضوعين ضمن المناهج الدراسية، وتعزيزهما بالعمل الميداني، كإطلاق المسابقات التي تنمي مهارات التسويق والبيع والشراء، إن إدخال مثل هذه المواضيع إلى المناهج، سيجعلها أكثر واقعية، وأقرب لما يشاهده الطالب حالياً وما يعيشه في بيئته الخارجية.

ثانياً: إغلاق التخصصات التي لا يوجد لخريجيها فرص عمل في السوق، وتوسيع قبول الطلاب في التخصصات المطلوبة في سوق العمل، فليس معيباً أن نتدارك بعض الأخطاء التي نعاني منها الآن، فسوق العمل يحتوي على العديد من الوظائف، ولكن أين الخريجون، العديد من الوظائف قد تغيرت خلال السنوات الأخيرة المنصرمة، وظهرت وظائف جديدة ومهام وظيفية لم نسمع عنها قبل 10 سنوات من الآن، لذا، ما المانع أن تتغير سياسات جامعاتنا أيضاً، فالعديد من التخصصات اختفت من سوق العمل، أو أنها شحيحة، ولا تكاد تذكر، لذا، وجب توجيه طاقات الشباب نحو التخصصات المطلوبة في السوق، وإيقاف القبول في التخصصات القديمة.

ثالثاً: خصخصة بعض المسرعات، إن دخول القطاع الخاص في المجالات التي ترغب الحكومة بتسريعها، لهو أمر مهم، العديد من شركاتنا الوطنية في القطاع الخاص، لديها من الخبرة والريادة الشيء الكثير، وإن فتح المجال لهم لدخول بعض القطاعات وتسريع العمل بها، سيكون مثالاً حياً للشراكة بين القطاع الخاص والحكومة، مثال ذلك أحد أهم خصائص المسرعات الحكومية، هو إنشاء فرق عمل ممكنة، وتأهيل مشرفين ومدربين بكفاءة عالمية، فما المانع أن تقوم إحدى شركاتنا الرائدة بهذا المشروع ككل، فهي التي تؤهل هؤلاء المشرفين والمدربين في مبانيها الخاصة، ويخضعون لتدريب وعمل مكثف، ينتج عنه فرق عمل متميزة، ومشرفين ومدربين أكفاء في مجالاتهم، هذا، ونقول إن التكلفة المادية لهذا الاقتراح، قد تكون معدومة، وفي المقابل، ستكون النتائج كبيرة ومثمرة.

رابعاً: تأهيل 100 إماراتي في مجال استشراف المستقبل في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا، ونُخضع هؤلاء الـ 100 لبرامج تدريب مكثفة، ويتم اختيارهم وفق منظومة محددة، فالخبير في هذا المجال، يجب أن يكون الأكثر اطلاعاً وقراءةً، هذا كبداية، ومن ثم تدريبه بشكل مكثف، ولو ألحق بإحدى الجامعات لدراسة تخصص اقتصادي أو سياسي، سيكون ذلك أفضل، وبعد ذلك تدريب هؤلاء بإلحاقهم بمجالس المستقبل بشكل دوري، من أجل صقل مواهبهم، إن إعداد جيش من مستشرفي المستقبل الإماراتيين، كفيل بأن يشكل القاعدة اللازمة، ليكون لدينا خبراء في مجالات حساسة، كالاقتصاد والسياسة، ما يجعلنا أقرب إلى الصواب في قراراتنا المستقبلية، وسيكونون عوناً لصناع القرار في الدولة، عن طريق الخبرات التي من الممكن أن يقدمها هؤلاء الخبراء.

إن التحديات لا تنتهي، كل يوم نعيش حلماً جدياً وتحدياً كبيرة، لا نهاية لهذا السباق، لذا، وجب علينا أن نتحرك جميعاً نحو المستقبل، وصدق القائل بأنه من جد وجد، ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل.

 

Email