اللامستحيل في مواجهة نوائب الدهر

ت + ت - الحجم الطبيعي

وزارة اللامستحيل هي جديد حكومة دولة الإمارات، التي تسعى دائماً إلى الارتقاء بمستوى العمل الحكومي وتهيئة جميع الظروف لتقديم خدمات مميزة للمتعاملين، هذه الوزارة الافتراضية من ضمن أهدافها أنها تسعى لتحديد المستحيلات والعمل على وضع الحلول اللازمة لتجاوزها، وتم إسنادها إلى أربعة من الوزراء بهدف الإحاطة على قدر المستطاع بالمجالات التي تتطلب تحرك سريع وجذري.

إن استحداث مثل هذه الوزارة أمر مطلوب فعلاً في هذا الوقت بالتحديد، فالإمارات التي باتت نموذجاً للوطن العربي ولاعباً معترفاً به عالمياً في مؤشرات التنافسية العالمية لديها الكثير من الطموحات والأهداف الكبيرة، والسبيل لتحقيق هذه الأهداف هو التخلص من بعض العوائق التي باتت تشغل الحكومة والشعب الإماراتي.

فالمرحلة القادمة مهمة جداً، وتسارع التطور من حولنا لن يبقي لنا مجالاً للالتفات إلى الوراء ولو للحظة، ومن هنا ظهرت هذه الوزارة لتكون بمثابة مصباح علاء الدين الذي تتحقق معه الأمنيات، فالمستحيلات التي سيتم تحديها ودراستها ووضع الحلول لها، هي نفسها التي ستجعلنا نقفز فوق المشكلات المتراكمة عبر الزمن والتي سببت في بعض الأحيان إرباكاً في العمل في بعض المؤسسات أو القطاعات.

ومن هذا المنطلق ولنكون عوناً لوزارة اللامستحيل ولحكومتنا الرشيدة، فإننا في هذا المقال نحدد بعض المستحيلات التي نتمنى إدراجها ضمن الملفات التي سيتم تحويلها إلى هذه الوزارة لدراستها ووضع الحلول الناجعة والتي تكفل إنهاء المشكلة من جذورها، مع بعض المقترحات والتي نتمنى أن تكون مفيدة للقائمين على الوزارة الجديدة.

1- البطالة صفر%: ملف البطالة من أهم الملفات التي تعتبر تحدياً صعباً للعديد من الحكومات، وبحسب موقع (حكومة.امارات) تم تحديد البطالة بـ 9.6%.

وذلك وفقاً للكتاب السنوي عن دولة الإمارات للعام 2017 للمواطنين الإماراتيين ممن بلغوا سن العمل، أي أن واحداً من كل 10 مواطنين عاطل عن العمل، هذا الملف الشائك يحتاج إلى تحرك قوي من وجهة نظري الشخصية، فهو يحتاج أول الأمر جهة لها شخصية مستقلة ويكون الهدف من إطلاقها هو مكافحة البطالة، فهذا المرض المستشري في الدول وجب مكافحته، ومن ثم تحديد الصلاحيات الممنوحة لهذه الجهة، كإعطائها صلاحيات موسعة في متابعة التوطين أكان حقيقياً أم توطيناً صورياً، وصلاحيات أخرى بمحاسبة المؤسسات المتقاعسة وخصوصاً من القطاع الخاص، والأهم من ذلك كله أن تكون لهذه الجهة هدف واحد فقط لا غير وهو أن تكون البطالة صفر في المجتمع الإماراتي خلال السنوات القليلة القادمة.

2- دعم رواد الأعمال من المواطنين بنسب ثابتة في عقود المشتريات، وهنا نقترح أن تكون جل المشتريات الحكومية توجه لمشاريع المواطنين الصغيرة والمتوسطة، وما لا يقل عن 25% مشتريات القطاع الخاص تكون من نصيب رواد الأعمال المواطنين كنسبة إلزامية لجميع الجهات، هذا الالتزام الكبير من المؤسسات سواء الحكومية والخاصة سيكون دافعاً قوياً ومحركاً كبيراً لرواد الأعمال المواطنين، فبذلك ندعم أولاً رائد الأعمال المواطن مما سيشجع غيره من المواطنين على الولوج في عالم ريادة الأعمال، والهدف الثاني توسيع قاعدة مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للمؤسسات الحكومية والخاصة، مما يقوي ويحسن من أداء هذا القطاع الحيوي وهو قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والذي تسعى الدولة لتوسيع آفاقه خلال السنوات القادمة.

3- العمل عن بعد: إن التقدم التكنولوجي الكبير الذي وصلت إليه الإمارات من استحداث أنظمة وتطبيقات ذكية تسهل رحلة المتعامل لهو مدعاة للفخر، ولكن وجب الالتفات للموظفين عند استحداث الأنظمة هذه وليس للمتعاملين فقط، فالمتعامل يستطيع أن ينجز أعماله من أي مكان وفي أي وقت وبعدة وسائل سواء عبر تطبيق أو عن طريق مكالمة هاتفية أو جهاز الكمبيوتر، لذا نقترح أن يتم تطبيق نفس هذا التوجه مع الموظفين والتسريع في استحداث أنظمة تسهم بذلك بدل تكدس الموظفين في الدوائر والمؤسسات، إن العمل عن بعد، والعمل المرن كفيل بحل العديد من المشكلات كالتغيب والإجازات المرضية وكثرة الاستئذانات خلال وقت الدوام، خاصة مما نشهده في بعض المؤسسات الحكومية للأسف، بالإضافة إلى تقليل التكاليف على المؤسسة التي توفر المكاتب والأجهزة والأنظمة التقنية وتوظف عمالاً لمتابعة هذه الأنظمة، بالإضافة إلى إعطاء البدلات النقدية للمواصلات وغير ذلك من التكاليف التي يمكن تجنبها بالكامل عن طريق توفير نظام يمكن الولوج إليه من منزل الموظف، وبعض النظم والقوانين التي ستحكم العلاقة بين الموظف الذي يعمل من المنزل وجهة عمله.

4- أقسام مبتكرة في وزارة اللامستحيل، فبعد دراسة المشكلات العالقة وتحديد ماهيتها وأسبابها، يتم توزيع المشكلات على الأقسام المعنية في الوزارة الجديدة كل بحسب اختصاصه، وهنا أقترح أن تحمل هذه الأقسام اسم (مسرعات)، مثال مسرعات التوظيف، مسرعات عقود المشتريات، مسرعات تطوير نظم العمل الحكومي وهكذا.

هذا غيض من فيض وهذه هي الملفات التي نتمنى دراستها مع بدء العمل في هذه الوزارة الموفقة إن شاء الله، وكنت أتمنى لو أنني أستطيع الإطالة أكثر وأن أكتب عن بعض التحديات الأخرى ولكن لا نريد الإطالة على القارئ الكريم، هذا ونتمنى التوفيق والسداد لجميع العاملين في هذه الوزارة ممن يعملون على حل هذه المشكلات العالقة، فالعمل الذي ينتظرهم شاق وطويل ويتطلب مجهوداً مضاعفاً، ونقول لهم «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» صدق الله العظيم.

 

 

Email