العين الساهرة لقائد الإبداع

ت + ت - الحجم الطبيعي

( 90 % ) نسبة سعادة المتعاملين في دبي للعام 2018 حسب ما أعلنت (دبي الذكية) يناير الماضي، وهي بالتأكيد نسبة تجعلنا نفخر بمستوى الخدمات الحكومية والأداء الحكومي، ولكن، هل نكتفي بهذه النتيجة ونتوقف عن مراقبة الأداء وتحسينه وتطويره؟!

الجواب عن هذا السؤال جاء عبر تغريدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عكس فيها مدى حرصه على المتابعة الدائمة لأداء الجهات الحكومية في الإمارات وفي دبي، حين نشر تقريراً للمتسوق السري حول نوع الخدمات في بريد الإمارات، وقال:

"أقول لجميع من في الحكومة؛ لن يمرّ شيء دون متابعة بكل شفافية" وقال في تغريدة أخرى: "لن يكون ضمن فريقي من يستمر في تقديم هذا المستوى". العين الساهرة لسموّه لا تغفل عن التقصير، لأنّه أسّس لمنظومة رائدة للإدارة الحكومية، سبقت العصر وحقّقت إنجازات رائعة في القطاع الحكومي؛ استطاعت دبي عبرها أن تتفوق على الأداء الحكومي في كثير من دول العالم المتقدم، انطلاقاً من مبدأ سموّه:

"الحكومة ليست سلطة على الناس، ولكنها سلطة لخدمة الناس، لذلك فإنّ مقياس نجاح الحكومة هو رضا المتعاملين معها، والآن لم يعد رضا المتعاملين هو الهدف المنشود بل أصبحت سعادة الناس هي الهدف الأسمى. ولتحقيق رضا وسعادة المتعاملين وجّه سموّه بتطوير برامج عديدة لتقييم أداء الجهات الحكومية، ورصد المخالفات والتقصير، ووضع اليد على مواقع الضعف، من بينها نظام (المتسوّق السري) الذي بدأ تطبيقه في دبي كنظام رسمي في العام 1999.

ورغم أن فكرة المتسوق السري لم تكن جديدة، فقد كان يطبقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، قبل ذلك بكثير، وقصة معالي محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل مع المتسوق السري "معضد" معروفة للكثيرين. إلا أنها قد تحولت بأوامر وتوجيه من صاحب السمو حاكم دبي إلى أوّل نظام إداري حكومي من نوعه في العالم.

حيث طبّق منذ 20 عاماً في حكومة دبي، وأثبت نجاحه، وأصبح المتسوّق السري مكوّناً أساسياً وعنصراً فاعلاً لتطوير الخدمات والأداء الحكومي، حيث علم المديرون وموظفي الخدمة أن هناك متسوقين سريين يزورونهم في أوقات مختلفة، وهم إمّا أفرادٌ مستقلون لوحدهم أو يرافقون متعاملين آخرين.

كما أنّهم ذكور وإناث من مختلف الجنسيات والأعمار، يزورون الدوائر الحكومية في أوقات مختلفة ويتأكدون من أن الخدمات تقدّم للمتعاملين بناء على معايير محدّدة، وبالجودة المطلوبة وبشكل جيّد وسلس، حيث تتضمن هذه المعايير سهولة الوصول للموقع وتعامل الموظفين والمرافق الموجودة ومدى ملاءمتها وجودتها، والوقت اللازم للحصول على الخدمة، غيرها من المعايير والمتطلبات المهمة لتقديم خدمة حكومية متميزة.

ويقدّم هذا النظام لمدير المؤسسة المعني تقريراً بمجالات وفرص التحسين ونقاط الضعف في أداء فريق عمله، وقد حقّق نجاحاً لافتاً لاعتقاد البعض أن المتعاملين (الصعبين) هم متسوقون سريون يجب التعامل معهم بكل احترام وعناية لأنهم يعرفون أن (المتعامل دائماً على حق). البدايات كانت صعبة لكن (المتسوّق السري) الآن نظام ناجح ومتميّز، ومع ذلك يجب العمل على تطويره ليشمل مجالات مختلفة تزيد على مجرد تقديم الخدمات الحكومية، بحيث يشمل متابعة المشاريع والإنجاز والتأكد من أن الأنظمة الداخلية في الجهات الحكومية تخدم الناس وبيئة العمل بالشكل الأمثل.

لقد أثبت نظام (المتسوّق السري) أنّه جزء من إبداع دبي الذي يستمر في إبهار العالم، وأنّه لَبِنَة أساسية في بنيان التطور الحكومي الذي يتنامى يوماً بعد يوم ليحقق كفاءة عالية في الأداء والخدمات الحكومية تصل إلى مستوى 7 نجوم، ومع ذلك أعتقد مخلصاً أن من واجب كل مواطن أو مقيم على ثرى هذه الدولة الطيبة أن يكون متسوقاً سرياً لكشف أية مخالفات أو أوجه قصور في الأداء الحكومي خدمةً للوطن والمجتمع.

إبداع دبي هو انعكاس لرؤية قائدها المتميّز الذي لا يغفل عن تفصيل صغير في أداء حكومته، ويحرص على قيادة شعبه باتجاه مستقبل واعد عنوانه السعادة والريادة والإبداع.

* مستشار أول - المجلس التنفيذي لإمارة دبي

Email