كيف يستفيد المستثمرون في التجزئة من تقلّبات النفط؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يخفى على أحد عالمياً أن الاقتصاد والأسواق في المنطقة، يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بأسعار النفط، وبعبارة أخرى إذا عطست أسواق النفط، فإن المنطقة ستصاب بالزكام، لكن يبقى السؤال: ماذا يعني تقلب أسعار النفط للمستثمرين الأفراد؟ وهل هناك طريقة يمكنهم من خلالها الاستفادة من مثل هذه التقلبات؟

تُظهر بيانات «أكسي تريدر»، منصة التداول عبر الإنترنت، كيف يتداول مستثمرو التجزئة بنشاط العقود الآجلة للنفط، ويبرز في هذا الإطار تساؤل حول أثر تقلب أسعار النفط على أسعار صرف بعض العملات.

وفي الوقت الراهن، تترك إمدادات النفط تأثيراً كبيراً على أسعاره، وأسهمت التخفيضات المستمرة في العرض في مساعي الدول المنتجة للنفط المنضوية وغير المنضوية تحت مظلة أوبك لرفع الأسعار، لذلك رأينا خام برنت يقفز من أدنى مستوياته عند 50 دولاراً إلى أقل من 69 دولاراً في الربع الأول من 2019، مدفوعاً بخفض مستويات العرض عالمياً.

وستجد فنزويلا التي تجد نفسها مرة أخرى في الظلام نتيجة لانقطاعات متكررة للكهرباء التي تزيد من وطأة الأوضاع الكارثية في هذا البلد في أمريكا الجنوبية تكافح للحفاظ على توازن إنتاجها وصادراتها النفطية وسط العقوبات الأمريكية المفروضة عليها. قد تكون فنزويلا، التي هي في أمسّ الحاجة إلى عائداتها النفطية، موطناً لأكبر احتياطي نفط في العالم، لكنني لا أتوقع أن يجد نظام مادورو أي عزاء في هذه الحقيقة هذه الأيام.

وبالطبع، فإن انقطاع التيار الكهربائي في فنزويلا لن يؤدي فقط إلى مشكلات تتعلق بقطاع النفط والاقتصاد المحلي، بل أيضاً إلى تصعيد التوترات بين الروس والأمريكيين، خاصة بعد أن حطت الطائرات الروسية في فنزويلا، ما أجبر الولايات المتحدة على إدانة هذه الخطوة والإشارة إلى التعدي على أمريكا الجنوبية (بحسب رويترز).

سيكون لانقطاع التيار الكهربائي الأخير تأثير مرة أخرى على إنتاج النفط الفنزويلي وصادراته، ولن يخفى على أحد سعادة منظمة أوبك بتعطل الإنتاج الفنزويلي الذي سيسهم في حملتها الرامية إلى خفض الإنتاج.

وفي الوقت نفسه، أسهم خفض الإنتاج الطوعي الذي قامت به دول المنطقة، لا سيما دولة الإمارات والسعودية والكويت، في دعم الأسعار حالياً بصورة أكبر.

كما سبق للدول أن اتفقت على مراجعة خفض العرض المتفق عليه لإدارة المخزونات العالمية خلال مؤتمر أوبك الذي كان يفترض عقده في فيينا في شهر أبريل الجاري، ومع ذلك أظهر استطلاع أجرته رويترز مؤخراً أن المحللين والاقتصاديين قد خفضوا توقعاتهم لخام برنت لعام 2019 للشهر الرابع على التوالي وسط مخاوف من ركود اقتصادي عالمي.

وعلى الرغم من الارتفاع القوي في أسعار النفط خلال الأشهر الأخيرة، كشفت بيانات التداول الصادرة عن منصة «بسايكويشن»، الرائدة المتخصصة بالتحليل المالي والمدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، أن غالبية عملاء «أكسي تريدر» يفتقرون إلى العروض المستقبلية والإصدار النقدي المتداول على حد سواء.

في الواقع، يتاجر 61% من العملاء بمزيج برنت عبر عقود قصيرة الأمد، ويتوقعون حدوث تحول من مستويات المقاومة على المدى القريب.

بطبيعة الحال، وقبل كل شيء، النفط هو سلعة، ولهذا تتمثل الطريقة الأكثر وضوحاً لمستثمري التجزئة للربح من تقلبات أسعار النفط في التداول بالعقود الآجلة، ولكن نظراً لارتفاع قيمته الصناعية والجغرافية والاستراتيجية، هناك أيضاً ارتباطات وثيقة بين تقلبات أسعار النفط وأسعار بعض العملات.

وبالتالي، يمكن رؤية الاتجاه التصاعدي في أسعار حزم العملات الثنائية المرتبطة بالسلع الأساسية مثل «الدولار الأمريكي والدولار الكندي» و«الدولار الأسترالي والدولار الأمريكي» و«الدولار الأسترالي والين الياباني» والدولار النيوزلندي.

وأظهر المؤشر «V» (يعود سبب التسمية لكون الرسم البياني يظهر انخفاضاً حاداً أو ارتفاعاً متبوعاً بانعكاس سريع، يشبه حرف V) أدنى مستوياته في ديسمبر 2018، انعكس على ثنائي العملات «الدولار النيوزلندي والدولار الأمريكي» و«الدولار الأمريكي والدولار الكندي»، وتجلى ذلك بشكل أكبر في «الدولار الأمريكي والراند الجنوب أفريقي».

كذلك لطالما سيطرت العوامل الخارجية على أسعار صرف الراند الجنوب أفريقي، لكن التحركات الأخيرة على صعيد الدول المنضوية وغير المنضوية تحت مظلة أوبك تعني أن العديد من عملات الأسواق الناشئة سترتبط جميعها بسعر النفط.

وفي الوقت نفسه، هناك علاقة واضحة بين السلع الأكثر تداولاً في العالم وثنائيات العملات، على سبيل المثال، يرتبط الدولار الكندي بأسعار النفط بسبب تصديرها للنفط، في حين أن اليابان سريعة التأثر بتقلبات أسعار النفط لأنها تستورد معظم نفطها.

هناك أوقات يمكن أن تنهار فيها العلاقة قليلاً بين سعر النفط وسعر صرف العملة، لذا لا يمكننا أن نتوقع تطابقاً تاماً للجداول البيانية بشكل مستمر، فقد تكون هذه الأوقات باهظة التكلفة على مستثمري التجزئة الذين يتطلعون لإجراء الصفقات بناء على استمرار ارتباط أسعار النفط بأسعار العملات، وفي هذه الحالة ينبغي على المستثمرين الراغبين في التداول البقاء متيقظين لإشارات انتهاء الترابط بين العملات وأسعار النفط.

وفي ضوء المعدل الحالي لعقود النفط العاجلة والآجلة المذكورة أعلاه، يقف ثنائي الدولار الكندي والدولار الأمريكي عند نسبة 44% للعقود الآجلة و55% للعقود العاجلة، والدولار الأسترالي والدولار الأمريكي عند 50/‏50 والدولار النيوزلندي عند 52% للعقود الآجلة و48% للعقود العاجلة.

وقد أصبح السوق أكثر تداخلاً، وما عاد المستثمرون يشعرون باليقين نتيجة تباطؤ الاقتصاد الصيني والعالمي، الأمر الذي سيكون له تأثير طويل الأمد على أسعار النفط، وبالتالي سيتجلى التذبذب في ترابط العملات القائمة على السلع.

* كبير المحللين الماليين، شركة «أكسي تريدر»

 

Email