رسائل زيارة محمد بن زايد إلى السعودية

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط أجواء سياسية حرجة تعيشها المنطقة العربية، جاءت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى المملكة العربية السعودية الأيام الماضية؛ لتؤكد حقيقة راسخة وواجباً عروبياً هدفه الحفاظ على الأمن القومي العربي، واستقرار المنطقة وحمايتها من الأنواء المحيطة بها في مختلف الاتجاهات.

الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حرصا في لقائهما بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد على تعميق العلاقة الوثيقة بين البلدين، والتي تستند إلى تاريخ طويل من الاهتمام المشترك، كل شواهده تؤكد أن المصير واحد، وأن التحديات تحتاج إلى ضرورة التكاتف والتماسك والدعم المتبادل، وهذا ما أكده بكل قوة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، مشيداً بأن المملكة ذات دور مهم ومحوري بالنسبة للعالم العربي، وأن سياسة خادم الحرمين ورؤيته الثاقبة ومواقفه الحازمة بمثابة صمام الأمان والاستقرار في المنطقة بأكملها.

هذا اللقاء إنما يحمل رسالة في منتهى الأهمية إلى الجميع عنوانها لا يمكن السماح بالتفريط في أمن المنطقة أو العبث بسياستها، وأن لا بديل عن الحفاظ على الدولة الوطنية في ظل المؤامرات التي تحاك لها.

أجواء هذه الزيارة تدفعنا لاستلهام الأدوار التاريخية والمواقف البطولية بين قادة الدولتين، وتؤكد أن الأجيال تتوارث الإباء وتسير على نفس الدرب العروبي، الذي أسس دعائمه المغفور لهما، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع أخيه الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود على التعاون والخير والحب بما لا يقبل الفرقة عبر التاريخ الممتد، فهكذا كانت كلمات زايد الخير الخالدة حين وقف بملابس الإحرام، ليعلن بما لا يقبل الشك العلاقة الأخوية والعريقة والأبدية بين المملكة والإمارات العربية قائلاً: «المفروض علينا أن نقف وقفة رجل واحد وأن نتآزر فيما بيننا.. نؤمن بأن المصير واحد».

زيارة ولي عهد أبوظبي إنما تؤكد تاريخاً طويلاً من العلاقات تحكمه أطر ومبادئ تعاون وتشاور في القضايا المحورية والاستراتيجية، لما يتمتع به الجانبان من صدق في المفاهيم، واحترام للثوابت الضاربة بجذورها عبر أزمنة طويلة تشهد عليها أحداث وتضحيات كثيرة من جانب الدولتين، خاصة تجاه خطر التطرف والإرهاب.

كما اتسمت استراتيجية العلاقة بين البلدين بالوضوح والحسم في مواجهة الملفات الإقليمية التي تتعلق بالمشروعات التخريبية التي تستهدف التغلغل وهز الاستقرار في المنطقة، مثلما تفعل الآن إيران وتنظيم «الحمدين»، أو في المقابل مثلما شهدنا الدور المحوري التاريخي الذي لعبه قادة الدولتين في إنقاذ المنطقة إبان ما يسمى بـ«الربيع العربي» عام 2011، ووقوفهما بكل وحدة وقوة منذ اللحظة الأولى لدعم ومساندة مصر أثناء ثورة شعبها العظيم ضد حكم الجماعة الإرهابية.

أو مثلما شهدنا أيضاً وحدة البلدين تتجسد أمام العالم في رفضهما قرار ترامب بشأن القدس والحفاظ على قضية العرب القومية.

اللافت في العلاقة بين المملكة ودولة الإمارات، هو أنها متجددة تبحث دائماً عمّا هو غير تقليدي فقد اتخذت طابعاً مؤسسياً عبر إنشاء المجلس التنسيقي الثنائي في شهر مايو 2016، ليكون جسراً لترجمة كافة أوجه التعاون بينهما.

إلى ذلك تميّزت العلاقة بالعمق الشديد في مختلف الاتجاهات من السياسي والعسكري والاقتصادي، وصولاً إلى الشراكة في تقديم الشهداء لإنقاذ ونصرة الشرعية في اليمن ضد الميليشيا الحوثية المدعومة من الملالي.

في النهاية، إذا نظرنا لما بين سطور زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى المملكة العربية السعودية والثمار العظيمة لها. فنحن بحاجة شديدة إلى خلق مثل هذه الحالة من التواصل بين القادة العرب. فالمنطقة في أمسّ الحاجة إلى تماسكنا لمواجهة الأخطار التي تستهدف الجذور من قبل أهل الشر، الذين يعملون ليل نهار على زعزعة ما استقر من عواصم بالمنطقة.

Email