قطر والإرهاب الإخواني والمصير المشترك

ت + ت - الحجم الطبيعي

من حق السودان الشقيق أن يحصل على كل الدعم من الأشقاء في الوطن العربي، حتى يعبر هذه المرحلة الصعبة في تاريخه ويحقق ما يصبو إليه شعب السودان بإرادته الحرة، ويبني التوافق الكامل بين أبنائه ليستطيع إنجاز مهام الانتقال إلى النظام الجديد، الذي يزيل آثار ثلاثين عاماً من سطوة جماعة الإخوان على الحكم، وما صاحب ذلك من فساد هائل ومن حروب أهلية ومن إفقار للشعب وتبديد لمصادر ثروته.

ومن حق الأشقاء في ليبيا أن ينتظروا الدعم العربي الكامل لتحرك الشعب الليبي وراء جيشه الوطني لتطهير البلاد من عصابات الإرهاب، ولاستعادة الدولة بعد سنوات الفوضى والدمار، ولهزيمة كل مخططات التقسيم وكل محاولات إغراق البلاد في جحيم الحروب الأهلية والنزاعات القبلية، حتى يستمر نهب ثروات ليبيا، وحتى تكون الملاذ الآمن لكل عصابات الإرهاب الإخواني ـ الداعشي.. خاصة بعد هزيمتها في سوريا والعراق، وبعد الضربات الساحقة التي أنهت محاولاتها للتمركز في أرض سيناء المصرية.

كل جهد عربي لدعم خيارات شعب السودان الشقيق في تجاوز هذه اللحظات الحاسمة في تاريخه، ولدعم جهد الشعب الليبي في استعادة الأمن والاستقرار في ظل الدولة الموحدة وبعيداً عن التدخل الأجنبي. هو دعم مستحق للأشقاء، وهو فريضة علينا من أجل مستقبل المنطقة وتأمين الدول العربية والقضاء على ما يهددها من إرهاب وتدخل أجنبي وإهدار لثرواتها وتدمير لثروتها البشرية والمادية.

أطراف كثيرة تتحرك في هذا الاتجاه، وفي المقدمة مصر والإمارات والسعودية، ومعها دول إفريقية مؤثرة وقوى عالمية، يدرك الجميع أن استقرار السودان واستعادة ليبيا من براثن عصابات الإرهاب يشكلان ضربة قوية لقوى الشر وضمانة لأمن المنطقة، ويدرك الجميع أهمية ذلك للأمن في دول حوض النيل والبحر الأحمر من ناحية، ولأمن البحر المتوسط. خاصة عندما يكتمل الأمر بعبور الأشقاء في الجزائر العزيزة هذه المرحلة الانتقالية بأمن وسلام.

وحدها قطر، ومعها تركيا، تقفان تحت العباءة الإخوانية في الجانب الآخر تواصلان التآمر ضد الشعبين الشقيقين، وتضعان كل إمكانياتهما لخدمة ميليشيات الإرهاب في ليبيا، ولعرقلة تحرك شعب السودان وجيشه لإنقاذ السودان من ميراث ثلاثين عاماً من سطوة الإخوان واستيلائها على الحكم ووضعه في خدمة أهداف الجماعة الإرهابية، ولو كان الثمن ضياع وحدة السودان وانقسام أهله وإغراقهم في جحيم الحروب الأهلية التي بددت ثروات البلاد وأجبرت الملايين من أبنائه على الهجرة، وتركت الباقين أسرى للفقر والاستبداد.

قطر في ظل تنظيم حمد وحمد، وتحت سطوة الإخوان، استثمرت كثيراً في السودان، ولكن بدلاً من أن تستثمر في الخير والتنمية، استثمرت في دعم «الإخوان» وفي رعاية الإرهاب، وفي إقامة معسكرات التدريب للعصابات الإرهابية، وفي جعل السودان الشقيق ممراً لهذه العصابات إلى حيث تهدد أمن مصر وتدمر في أنحاء المنطقة.

وقطر ـ في ظل حمد وحمد وسطوة الإخوان ـ كانت سباقة كعادتها في نشر الدمار في ليبيا، وفي إسقاط الدولة في جحيم الفوضى، وفي دعم إرهاب الإخوان أملاً في أن يصل للحكم لتكون ليبيا مع تونس، ومع مصر التي كانت قد سقطت في العام الأسود في قبضة الإخوان ومع السودان الأسير منذ ثلاثين عاماً. القوة الضاربة لمشروع نشر الفوضى وإسقاط العالم العربي كله في قبضة فاشية إخوانية عميلة.

تعرف قطر الآن أن شعب السودان يضع نهاية لعربدة الإخوان، ويبدأ المسيرة الصعبة لمحاسبة الفساد ولاجتثاث جذور الإرهاب الإخواني، وتعرف أيضاً أن معركة شعب ليبيا وجيشها الوطني ضد ميليشيات الإرهاب الإخواني والداعشي، لابد أن تكون نهايتها هي القضاء على هذا الإرهاب، الذي يعلم العالم كله أنه لا سلام ولا استقرار في ليبيا إلا بهذه النهاية وبعودة الدولة ومؤسساتها وباختفاء ميليشيات الإخوان والدواعش، التي مازالت تعربد في العاصمة الليبية وتأخذ أهلها رهائن.

تعرف قطر ذلك كله، وتعرف أيضاً أن رهانها على التحالف مع تركيا تحت المظلة الإخوانية لن ينقذ أحداً من أطرافه الثلاثة. صحيح أن تركيا حاولت أن تجد لها مكاناً في السودان في ميناء «سواكن» على البحر الأحمر (!!) وواصلت دعمها عصابات الإرهاب في ليبيا التي تنقل لها السلاح والعناصر الإرهابية بحراً وجواً، أملاً في أن يكون لها مكان على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط وعلى حدود مصر بالذات!! لكن تركيا تعرف أكثر من غيرها أن «اللعبة انتهت» وأن حكاية التمدد في العالم العربي قد سقطت، وأن أوهام الخلافة لم يعد لها مكان.

ولو أن قطر تملك قرارها لكانت الأولى بتصحيح المسار، وبإدراك الأخطاء والخطايا التي وقعت فيها في ظل سطوة تنظيم «حمد وحمد» الباقية حتى الآن.

ولو أن قطر تملك قرارها لأدركت أن الحلقة تضيق، وأن الشعوب التي دمرت بلادها لن تتسامح مع من ساهموا في ذلك، وأن الأشقاء الذين خانتهم وتآمرت ضدهم قد منحوها الفرصة تلو الأخرى لتعود لرشدها، لكنها مضت في الطريق الذي اختاره تنظيم «حمد وحمد» أو الذي اختارته له القوى التي وضعته في تحالف مع الإخوان ليكونوا أداة في مخطط نشر الدمار وزرع الفتنة في كل أرجاء الوطن العربي!!

لو أن قطر تملك قرارها لتخلصت من عبء السياسات التي فرضها تنظيم «حمد وحمد» ومن كابوس التحالف مع الإخوان، ومن وهم أنها ستكبر بالوقوف في صف أعداء عروبة الخليج وتقدم العرب.

لكنها ـ للأسف الشديد ـ تمضي في الطريق نفسه تدعم الميليشيات الإرهابية في ليبيا، ومع نهاية سنوات العربدة الإخوانية في السودان، تتصور أن بضعة آلاف من جنود أردوغان سيوفرون لها الأمان الذي لم يوفروه لأردوغان نفسه (!!) أو أن التعاون مع الحرس الثوري الإيراني يغنيها عن محيطها الخليجي والعربي (!!)

Email