المرأة الإماراتية وثقة الناخب

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهور قليلة تفصلنا عن انتخابات المجلس الوطني المقبلة 2019، ولا شك أن عدداً من النسوة تستعد لخوض التجربة البرلمانية الجديدة. البعض للمرة الأولى والبعض الآخر سوف يكرر التجربة لمرة أخرى، ففي منطقة الخليج بصورة عامة ما زالت المرأة حديثة العهد بالتجربة البرلمانية وما زالت في حاجة ماسة إلى التوعية والدعم، ومزيد من التشريعات الحكومية لكي تمضي قدماً في هذا المجال الجديد ليس فقط بالنسبة لها، بل حتى بالنسبة للرجل، ففي التجربة البرلمانية يتشارك الرجل والمرأة في هاجس البحث عن ثقة الناخبين وعمق البرامج الانتخابية ومدى تأثيرها المجتمعي، ولكن بالتأكيد هناك تحدٍ يواجه المرأة، فبينما يتمتع الرجل بمرونة وقدرة أكبر من المرأة على التحرك والتواصل مع معظم شرائح المجتمع، تجد المرأة نفسها في أحيان كثيرة مقيدة وغير قادرة على الحركة أو التواصل مع الناخبين وشرح برنامجها الانتخابي، وبينما يجد الرجل مجالات ومجالس عدة مفتوحة أمامه تجد المرأة نفسها مقيدة بظروف مجتمعية تمنعها من التحرك كالرجل، بل غير قادرة على إقناع الناخبين من الجنسين على القبول بها مرشحاً محتملاً، فالذهنية الخليجية بشكل عام على الرغم من النضج الذي وصلت له، ما زالت غير قادرة على وضع المرأة في الإطار الذي تستحقه، خاصة في المجال السياسي، وما زالت المرأة في نظر البعض غير قادرة على إيصال الرسالة أو تحمل العبء الملقى على عاتقها على الرغم من الشوط الكبير الذي قطعته حتى الآن في الخدمة المدنية، ورغم التميز الذي أظهرته في كل مجال دخلته حتى الآن، فطبيعة المجتمع والظروف الاجتماعية ما زالت تقف عائقاً في وجه المرأة، فالمجتمع الخليجي رغم التطور الهائل الذي شهده والتمدن المتسارع في كل المجالات ما زال للتكتلات المجتمعية تأثير على التطور المجتمعي وعلى حركة المرأة بالتحديد، خاصة في مجال السياسة، فمثلاً يفرض العامل الاجتماعي نفسه في مجال التحدي والمنافسة بين المرشحين في الانتخابات، ومن الطبيعي أن يؤثر الموروث القديم المتعلق بالرجولة وارتباطها بالسيطرة والنفوذ على المرأة ودخولها مجال السياسة، فما زال البعض يجد صعوبة في تقبل أن تمثله امرأة، وما زالت بعض النساء في بعض المناطق يمتنعن، حتى وإن وجدت في نفسها الكفاءة، من خوض تلك التجربة ليس خوفاً من الفشل بل خوفاً من النظرة المجتمعية.

إضافة إلى ذلك، فإن نظرة المرأة آلي قرينتها المرأة فيها الكثير من الشك والخوف. هذا إضافة بالطبع إلى الصعوبات الجمة في ترويج حملتها الانتخابية ووصولها إلى الناخبين.

وهكذا ونتيجة لظروف معينة تجد المرشحة والناخبة نفسها في مواجهة صعوبات لوجستية تجعل من عملها تحدياً مباشراً لها ولقريناتها.

لقد دعمت القيادة الإماراتية المرأة وجعلت وصولها إلى قبة البرلمان أسهل مما يتوقع، ففي انتخابات 2006 فازت الدكتورة أمل القبيسي بمقعد في المجلس الوطني، بينما فازت في انتخابات 2015 السيدة ناعمة الشرهان، وما بين الانتخاب الأول والأخير لم تستعد المرأة بصورة كافية لتفوز بمقاعد إضافية في المجلس، فتمثيل المرأة في البرلمانات السابقة جاء تعييناً من قبل الحكومات الاتحادية لزيادة الحصة النسائية في المجلس، ولهذا جاء قرار الحكومة بجعل نصف مقاعد المجلس للمرأة، وهكذا يكون الطريق أمام المرأة في البرلمان مفتوحاً طالما أن هناك امرأة مستعدة لكسر كل التابوهات المجتمعية التي تقيد عمل المرأة وتحصره في قالب معين، فخوض التجربة السياسية مهم للمرأة، فسوف يجعلها أكثر وعياً بحقوقها المجتمعية، والتجربة البرلمانية سوف تجعل منها امرأة واعية وقادرة على إيصال رسالتها للناخبين وقادرة على التواصل مع جميع شرائح المجتمع.

ولكن يظل أكثر ما تخشاه المرأة ليس فقط إحجام الرجل عن الاقتناع بقدراتها السياسية، بل في الكثير من الأحيان إحجام المرأة نفسها عن الاقتناع بأن المرأة قادرة على إيصال رسالتها لصناع القرار أو الاقتناع بأن المرأة المرشحة قادرة على الإيفاء بوعودها الانتخابية أو في تمثيلها خير تمثيل، ففي نظر هذه الشريحة من النساء فإن الرجل هو أفضل من المرأة في هذا المجال بالتحديد

وهكذا تجد المرأة نفسها أمام تحدٍ كبير من قبل بنات جنسها، تحدٍ يجب تغييره قبل البدء في أي خطوة جادة، ولكن مما لا شك فيه أن الانتخابات المقبلة سوف تكشف النقاب عن كفاءات نسوية سوف تطلّ علينا، بعضها جديد والبعض الآخر خبر هذه التجربة من قبل، تجربة سوف تضيف خبرات جديدة للحراك النسوي الإماراتي وتغيّر المشهد المحلي.

* جامعة الإمارات

Email