النظام الإيراني لا يدير دولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إيران حضارة نعم، تاريخ نعم، إنما النظام الحالي لا يدير دولة. المجتمع الدولي لا بد أن يعي هذه الحقيقة ويتوقف عن التعامل معها كدولة الآن، تلك ليست مبالغة أو تخرصات، نحن أمام شكل من أشكال الحكم يعتقد أنه يحكم بناء على وحي يتلقاه من الله سبحانه وتعالى مباشرة، لذلك ينظر النظام لنفسه على أنه معصوم من الخطأ غير قابل للمراجعة، نظام فوق الجميع، قدسي له الحق بتجاوز كل الاتفاقيات والأعراف الدولية الملزمة لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

أين تصنف هذا التصريح إذاً؟ وفي أي خانة تضعه من خانات الأعراف الدولية؟ حيث أكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني، محمد علي جعفري، أن الحرس الثوري قام بتجنيد 200 ألف عنصر في العراق وسوريا. وفي مقابلة أجراها جعفري مع مجلة «سروش» ونشرتها وكالات إيرانية، أشار جعفري إلى أن بلاده جندت 100 ألف عنصر في العراق، والعدد نفسه في سوريا، مؤكداً أن هذا الإجراء هو من ضمن سياسات إيران في دول المنطقة.

وحول مهمة هذه العناصر في سوريا، قال قائد الحرس الثوري الإيراني: «مهمتها محاربة داعش والنصرة والمعارضة السورية».

أرجو الانتباه إلى أن دور إيران ليس محاربة النصرة وداعش، إنما محاربة «المعارضة السورية» أيضاً، أي محاربة الشعب السوري، وكذلك تفعل الميليشيا العراقية التي جندتها إيران في العراق تحارب المعارضة العراقية أيضاً وبالسلاح.

هل هناك «دولة» بالمفهوم المتعارف عليه تعترف علانية أنها جندت مرتزقة أجانب في دولة أخرى وتدفع لهم رواتب لمحاربة شعوبها؟ حتى الدول التي تقوم بذلك تخجل وتخفي تلك الحقائق، وإن فعلتها فإنها تجند جواسيسَ وعملاء أفراداً لكن أن تعترف بتجنيد 200 ألف في دولتين لمحاربة المعارضة فأين سمعتم عن هذا الجنون والمروق والإرهاب؟

إيران لا تعترف بالقانون الدولي ولا تحترم السيادة الوطنية أو الحدود السيادية بينها وبين الآخرين، ولا تعترف بقرارات الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي ما زال يتفرج على ما تخلقه إيران من فوضى، فلا أثر لتصريح الحرس الثوري الإيراني عند أي دولة أوروبية.

بالعكس منحت إيران كامل الصلاحيات لتقوم بهذه الخروقات على مرأى ومسمع من العالم كله، نقلت السلاح وأقامت المعسكرات التدريبية ونقلت الأموال تحت سمع وبصر أمريكا وأوروبا وروسيا وما زالت، ورمت بجميع قرارات الأمم المتحدة الخاصة بسوريا أو لبنان أو اليمن عرض الحائط.

لم نسمع أي احتجاج أو تعليق من الاتحاد الأوروبي أو من اليسار الغربي الأمريكي، لم نرَ أي إجراء أو فعل من الأمم المتحدة، بل بالعكس ما زال هناك حرص على إفساح المزيد من الوقت ومن الفرص كي تتمدد إيران بكامل راحتها، ماذا تعني تلك القرارات أو ماذا يعني أن المندوبين الأوروبيين «يطالبون» إيران بتنفيذ اتفاق السويد حول اليمن؟ ما الإجراءات التي ستتخذ في حال عدم الاستجابة؟ وهل ستؤثر على الاتفاقيات التجارية بين الاثنين؟

بالنسبة للملالي ليس هناك دولة، هناك أمة يحكمها العنصر الفارسي، وعبيدها الآخرون، تلك قيم لا علاقة لها بعصرنا الحاضر ولا تتعامل معه وبأدواته أو بخطابه.

الملالي يستخدمون أصحاب البدلات كوزير الخارجية مثلاً لتجميل صورتهم لزوم ما يلزم في العلاقات الدولية، إنما هم يتحركون بأمر من الوحي الذي يصل إلى وليهم الفقيه، ومثلما قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان: كيف تتفاهم مع هكذا بشر؟

* كاتبة بحرينية

Email