المواهب الإماراتية نحو قيادة المستقبل المستدام

ت + ت - الحجم الطبيعي

قامت دولة الإمارات منذ فجر التأسيس على العديد من الرؤى الثاقبة، التي مهّدت الطريق للوصول إلى ما هي عليه الآن من تطور وازدهار.

ولعلّ واحدة من هذه الرؤى التي لا تزال حاضرة، ويجري العمل على تنفيذها بخطى ثابتة وطموحة هي مواصل العمل على تعزيز تنافسية الاقتصاد الإماراتي عالمياً.

وركزت «رؤية الإمارات 2021» في أحد محاورها الرئيسية «متحدون في المعرفة» على تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي باعتباره أولوية وطنية، من خلال تأكيدها على أهمية توظيف الطاقات الكامنة لرأس المال البشري المواطن لتحقيق اقتصاد إماراتي تنافسي متنوع، تقوده كفاءات إماراتية ماهرة.

وعلى الرغم من الإنجازات العديدة التي تحققت على صعيد المستقبل المهني المستدام للإماراتيين في القوى العاملة، إلا أنّ هناك دائماً مجالات وآفاقاً متجددة للنمو والتطور، حيث تهدف رؤية الدولة للتنمية الاقتصادية المستقبلية إلى تحفيز الإماراتيين الموهوبين، الذين يتميزون بالمعرفة والابتكار لقيادة قطاعات الأعمال الرئيسية والعمل على تطويرها.

ولكن كيف يمكننا الاستفادة من هذه الرؤية وتحويلها إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع؟ الجواب بكل بساطة يكمن في العمل على ابتكار واعتماد مسارات متنوعة وفرص جديدة للوصول إلى إمكاناتنا الإبداعية.

ومن وجهة نظر وتجربة شخصية بعد أن أمضيت قرابة الـ 25 عاماً من العمل في مجالي التسويق والاتصالات المؤسسية، لمست حرص العديد من المواهب الإماراتية على اغتنام الفرص الجديدة والابتعاد عن مجالات العمل التقليدية مقابل الدخول في مسارات مهنية جديدة كلياً بالنسبة لهم «إماراتيين».

وعلى الرغم من أن الإماراتيين لا يمثلون إلا نسبة صغيرة في هذا المجال، إلا أن تأثير أولئك الذين يسعون إلى مستقبل مهني غير تقليدي كان له تأثير كبير.

وإذا ما تمكنا من الاستفادة من إمكانات المواهب الإماراتية خارج نطاق الوظائف والأدوار التقليدية التي ارتبطت بالإماراتيين لفترة طويلة، فإننا سنشهد مزيداً من التطور والنمو ليس فقط على صعيد مهارات الإماراتيين أنفسهم وإنما عبر كافة المجالات التي يعملون ويبدعون فيها.

وعند تطبيق هذه العقلية على جميع القطاعات الأخرى، يمكننا القول حينها إننا في الطريق الصحيح نحو بلوغ المستقبل المنشود الذي نطمح إليه.

ولنتخيل معاً الإيجابيات التي سيضيفها الإماراتيون لقطاعات الأعمال الأخرى، حيث سنشهد بلا شك مزيداً من الطيارين الإماراتيين يقودون الناقلات الوطنية نحو آفاق جديدة من المنافسة العالمية، كما سنرى المزيد من الإبداعات الإماراتية الجديدة في قطاع الضيافة والإعلام والاتصالات وغيرها، ومن خلال إلهام الجيل القادم من الفنانين والموسيقيين الإماراتيين، سنفخر بكل تأكيد برؤية إنجازات أبناء الإمارات في المحافل والمسارح العالمية مساهمين جميعاً في رسم معالم مستقبل أفضل واقتصاد معرفي ومتنوع لدولة الإمارات.

وفي إطار رؤية 2021، تدعو القيادة الرشيدة أبناء الإمارات إلى التحلي «بالثقة وحس المسؤولية في رسم مستقبلهم بخطى ثابتة وسريعة وروح ريادية عالية ويشاركون بفعالية في مسيرة بناء وطنهم، متسلحين بالقيم الأخلاقية النبيلة، بما يعزز شعورهم بالإنجاز وتحقيق الذات».

ولكن ما هو واجب الشركات الإماراتية العاملة في القطاع الخاص فيما يتعلق بتمكين أبناء الإمارات؟ في الحقيقة الإجابة بسيطة للغاية؛ إذا قمنا بإتاحة الفرصة أمام المواهب الإماراتية للتعبير عن إمكاناتهم الهائلة وقيادة مستقبل قطاعات الأعمال في الدولة بعيداً عن الطرق التقليدية، فإن ذلك سيعزز الركائز الاقتصادية والاجتماعية لدولتنا.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز تفاعل أبناء الإمارات مع مهارات وكفاءات من خلفيات وبلدان مختلفة سيعود بنتائج إيجابية وقيمة كبيرة بالنسبة للقوى العاملة بدولة الإمارات العربية المتحدة وكافة قطاعاتها.

وفي إحدى خطاباته السابقة التي وجهها لشباب الإمارات، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، «إن الطريق إلى المستقبل ليس سهلاً، لكن بهمَّتكم وإيمانكم وعزيمتكم وعملكم، سوف نصل.

وعلى يدكم سنكون أفضل وأرقى، والأول دائماً وأبداً».

وفي الواقع، ندرك جميعاً أن أبناء الإمارات يمتلكون كماً هائلاً من المهارات التي تخوّلهم المشاركة بشكل فعّال في تحقيق وقيادة رؤية الاقتصاد التنافسي القائم على المعرفة، ولكن لكي نحقق طموحات القيادة الرشيدة ونصبح «أفضل وأرقى»، ينبغي على شبابنا التحلي بالرغبة الدائمة نحو النجاح إلى جانب التحلي بالمسؤولية وإدراك أنهم وحدهم القادرون على ضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

كلنا ثقة بأن رأسمالنا البشري الإماراتي قادر على تحمل المسؤولية وقيادة المرحلة القادمة وهذه الثقة ليست ناتجة عن عواطف أو مشاعر آنية وإنما نابعة عن اعتقاد راسخ وقناعة مطلقة بأن الدولة التي تمكنت من الوصول إلى مصاف الدولة المتقدمة خلال فترة قياسية، قادرة على إنجاب جيل من المبدعين عبر جميع القطاعات.

إن مستقبل الإمارات واعد ويدعونا للتفاؤل بأن المواهب والمهارات المتنوعة التي نمتلكها قادرة على صنع الفارق بشرط أن نتحمل مسؤوليتنا ونحيد عن أدوارنا التقليدية قليلاً نحو مجالات عمل جديدة، يمكن من خلالها التعبير عن طاقاتنا وإمكاناتنا.

Email