التنافسية أسلوب حياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن التنافسية من المكونات الأساسية لحياة الإنسان، بل إنها سنة من سنن الحياة، ومن دونها لا يمكن لأي فرد أو مجتمع أن يتطور ويرتقي.

وتأتي الوصية الثامنة من وصايا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتسلط الضوء على أهمية التنافسية لكافة الفئات والقطاعات، الحكومية والخاصة بل حتى على مستوى الأفراد، ولقد اعتمدت دولة الإمارات تعريفاً متوازناً للتنافسية، حيث تعتبر التنافسية هي التوازن ما بين جودة الحياة والإنتاجية العالية من أجل تحقيق الازدهار على المدى الطويل للوطن والمواطن.

برز فكر التنافسية لدى صاحب السمو منذ البداية، وأثمر هذا الفكر عن إنشاء مجلس الإمارات للتنافسية في 2009، ومن ثم تطوير المسيرة كي يبرز نموذج دولة الإمارات الفريد من نوعه عندما تمّ دمج مجلس الإمارات للتنافسية مع المركز الوطني للإحصاء وبذلك تشكلت الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء في عام 2015، ثم استلمت ملف أجندة أهداف التنمية المستدامة 2030، والتي تمت مواءمتها مع الأجندة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة.

مع التأكيد على أهمية بأن مسيرة تأسيس الهيئة جاءت نتاج فكر مبني على محاور رئيسية ثلاثة، أولها: وجود بيئة تشريعية وتنظيمية حديثة وتستشرف المستقبل وتتطلع إلى ما هو المطلوب في السنوات والعقود القادمة من متطلبات تشريعية وإجرائية، مثل على سبيل المثال تقنيات السيارات الذاتية القيادة أو تقنية البلوكتشين أو العملات الرقمية، فيجب توفير بيئة تشريعية تنافسية قادرة على التأقلم مع هذه المتغيرات المتجدد.

أما المحور الثاني يأتي من أهمية توفر البيانات والإحصائيات الدقيقة والحديثة والتي تعبر عن دولة الإمارات العربية المتحدة وإنجازاتها على أرض الواقع، وثالثاً، الحرص على توفير خدمات حكومية عالية الجودة للقطاع الخاص تساعد على جذب الاستثمارات داخلياً وخارجياً وتعزز من ثقة المستثمر في بيئة الأعمال بالدولة، وبحيث تنعكس جودة هذه الخدمات الحكومية على تجاوب القطاع الخاص مع الجهات العالمية الناشرة لتقارير التنافسية العالمية.

وربما يتساءل المرء ما الفرق بين التنافس والتنافسية؟ حسناً، يكون التنافس فردياً وفي مضمار واحد، مثل مجال رياضي أو فني أو علمي، أما التنافسية فتكون على مستوى المجتمعات والدول، لأن من شروط تحقق التنافسية أن تكون متوازنة على كافة القطاعات؛ الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها، فمثلاً لا يمكن أن نقول عن دولة إنها تتمتع بالتنافسية إذا كانت لديها نتائج اقتصادية جيدة ولكنها منخفضة جداً في مجال التكنولوجيا أو الصحة أو التعليم.

يمكن الوصول إلى التوازن المنشود من خلال التنافس بين الفرق وإذكاء روح الطموح لرفع سقف الأداء والإنتاجية إلى مستوى أعلى، ونحن في دولة الإمارات انتقلنا من مرحلة تطبيق المعايير العالمية إلى مرحلة المساهمة في وضع معايير عالمية جديدة، ونلمس أثر ذلك في بعض المجالات مثل الثورة الصناعية الرابعة من خلال تأسيس مركز الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، كما ننطلق بقوة في بداية مشوار تطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال احتضان مسابقات للذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، وكذلك في مجال الفضاء مثل مسبار الأمل وغيره من المشاريع الكثيرة الطموحة.

إن التنافسية هي أسلوب الحياة في الحكومات، وبناء على ذلك فإن الفرق التنفيذية في اللجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة والتي ترأسها معالي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي وتضم 17 جهة اتحادية تعمل بروح الفريق الواحد، ونحن نؤمن أنه كي نستطيع الارتقاء في المنافسة فإننا نواصل التنافسية، مع أنفسنا إن لم يكن هناك منافس في مرحلة من المراحل، وبذلك نضمن محافظتنا على المراتب المتقدمة التي حققتها دولة الإمارات في جميع الجهات.

واستلهاماً من الوصية الثامنة «لا تكن من غير منافس» فإن حكومة دولة الإمارات تشجع التنافسية على مختلف الصعد، فنحن نجد روح التنافسية بين المؤسسات الحكومية المختلفة، وبفضل هذه الروح التنافسية والعمل المتفاني تمكنت دولة الإمارات من تبوؤ المراتب العليا في العديد من التقارير والمؤشرات العالمية ومنها تقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال فحققت المركز 11 عالمياً والأول عربياً، والترتيب السابع عالمياً في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية الصادر عن معهد التنمية الإدارية في سويسرا والأول عربياً، كما تمكنت من الارتقاء 17 درجة فوصلت إلى المرتبة 60 في تقرير مؤشر أهداف التنمية المستدامة، والذي تتنافس على تحقيق أهدافه 193 دولة بحلول العام 2030.

Email