قوّة الاتحاد.. أول مبادئ دبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

عبر مسيرة الحضارة البشرية التي امتدت لعشرات آلاف السنين؛ استطاع البشر الوصول إلى المدنية والتقدّم الذي حققوه اليوم بفضل الفكر المستنير لقادة عظماء رسموا خارطة الطريق للحضارة الإنسانية، مستندين إلى منطق القوّة التي تصنع المستحيل. والقوّة التي نتحدث عنها هنا هي كلُّ أساسٍ قويٍّ تُبنَى عليه الحضارة، من اقتصاد وتنمية وعمران وسياسة وثقافة وحياة اجتماعية سليمة.

ولعلّ دولتنا الحبيبة الشابة قد جمعت القوّة بكلّ مفاصلها وأعمدتها لتصبح اليوم واحدة من الدول التي يشار إليها بالبنان لما حقّقته من إنجازات سبقت الزمن؛ بفضل الرؤى الحكيمة لقيادتنا الرشيدة التي استشرفت المستقبل، وأدركت أسس التقدّم وقواعد تحقيقه.

واليوم ونحن نحتفل باليوبيل الذهبي لتولّي قائدنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، أولى مهامه في خدمة الوطن؛ يقدّم سموّه ثمانية مبادئ للحكم والحكومة في دبي؛ جاءت نتاج خبرة خمسين عاماً من العمل القيادي الناجح؛ عبّر عنها سموّه بقوله:

«خمسون عاماً وهبتها لبلادي أعطتني خبرة، وشيئاً من حكمة وكثيراً من محبة.. أضع اليوم بين أيديكم ثمانية مبادئ للحكم والحكومة في دبي.. نوصي جميع من يتولى مسؤولية في هذه الإمارة أن يلتزم بها مهما كانت الظروف، أو تبدلت الأحوال، أو تغيرت الوجوه».

وقد استهلّ سموّه هذه المبادئ بالاتحاد الذي يشكّل أساس القوّة والبناء، انطلاقاً من حقيقة أن إمارة دبي جزء من اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وقوانينها وأولوياتها ومصالحها جميعها تأتي في كنف الاتحاد وتحت رايته.

فالاتحاد الذي جمع سبع إمارات تحت علم واحد؛ استطاع أن يتحوّل إلى نموذج عالمي ناجح؛ وأن يجمع قوّة هذه الإمارات السبع في كتلة واحدة متراصّة ومتكاتفة ومتكافلة، لتتحول خيرات هذه الأرض المعطاء إلى محرّك يدفع عجلة التنمية الشاملة، بكلّ مفاصلها الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والثقافية والسياسية، ويضع دولة الإمارات ضمن قائمة الدول الأكثر تقدّماً والأسرع نموّاً في العالم.

فتحت قوّة الاتحاد تنضوي كلّ القوى الأخرى وجميع المبادئ التي تُبنى عليها الدولة، إذ لا قيمة للاقتصاد إذا لم يكن شمولياً ومتكاملاً وعاماً لكلّ إمارات الدولة، ولا أهمية للسياحة إن لم يعد خيرها على الإمارات كلها، وستفقد الجمعيات الخيرية قيمتها ومعناها وأهدافها إذا تخصصت بإمارة دون أخرى، لأنّ الخير هو خير الجميع، والموارد ومصادر التنمية لن تحقّق المرجوّ منها، إلا إذا استثمرت على نطاق الرقعة الواسعة للدولة.

والقرار السياسي لن يجد أذناً مصغية إذا كان منفرداً، فعبر اتحادنا استطعنا أن نوحّد كلمتنا أمام العالم، وأن تكون هذه الكلمةُ مسموعةً ومحترمةً وقادرةً على تحقيق تغيير حقيقي؛ ليس على المستوى السياسي فحسب، وإنما على جميع المستويات، فاليوم تعدّ الإمارات واحدة من الدول الأكثر تميّزاً والمتقدّمة في قوائم الدول الأكثر إنجازاً ونجاحاً في العديد من المجالات، أبرزها العمل الحكومي وصناعة المستقبل والجذب الاستثماري وتنظيم الفعاليات العالمية.

ودولة الإمارات التي تصدّرت دول العالم بالقفز إلى المركز الأول عالمياً عبر أفضل جواز سفر؛ تستطيع الافتخار بهذا الإنجاز كواحد من الكثير من الإنجازات التي تحقّقت بفضل قوّة اتحادها، فجواز السفر الإماراتي ليس خاصاً بدبي وحدها، أو بأبوظبي وحدها، إنما هو جواز سفر خاص بكلّ إماراتي من كلّ مدينة وقرية وواحة في أرض الإمارات الخيّرة.

وثورة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي التي تشهدها الإمارات؛ لا تعود فوائدها على أهل مدينة دون أخرى؛ وإنّما هي إنجاز آخر تعود فوائده على كلّ الشعب الإماراتي، وتصبّ جهوده في خدمة كلّ الشعب الإماراتي وتحقيق رفاهه وسعادته.

القوّة التي تحدّثنا عنها في البداية تتجلّى في أبهى صورها بقوّة الاتحاد الذي يشكّل حجر الأساس والعمود الفقري في بناء الدولة. ومن هذا المنطلق جعل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم (الاتحاد هو الأساس) أول مبادئ دبي في الحكم والحكومة؛ مكرّساً المعنى الحقيقي لبيت الشعر العربي:

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسّراً وإذا افترقن تكسّرت آحادا

لذلك فإنّنا نهتف بصوت واحد وتحت لواء علم دولة الإمارات العربية المتحدة: «عاش اتحاد إماراتنا».

 

 

Email