زايد فخر الحضارة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتباهى الأمم بعظمائها، والحضارات بصُنَّاعها، وفي سماء الحضارة الإنسانية أسماء خالدة لامعة لا تُنسى، نُقشت بأحرف من نور، وبقيت ذكراها العطرة وإنجازاتها الباهرة شاهدة على معدنها الفريد، ومن هذه الأسماء الخالدة في أجلى صفحات التاريخ المشرق الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان رجلاً بأمَّة، ومدرسة مُلهمة، استحوذ على قلوب الجميع، بنبل خصاله العالية، وإنجازاته السامية التي حملت للناس السعادة والهناء والحياة الكريمة.

إن الشيخ زايد فخر الحضارة، وباني الإنجازات الرائدة التي تفتخر بها الأجيال، نجح في تأسيس وحدة وطنية قلَّ لها نظير بين سبع إمارات، كانت متفرقة جميعاً، فاجتمعت كلها في دولة واحدة، متلاحمة كالجسد الواحد، تجمعها وشائج القربى وقيم التراحم والتسامح والتكافل، واستمر الشيخ زايد في العناية بهذا الاتحاد المبارك، وسهر الليالي والأيام من أجل ترسيخه، باذلاً في ذلك كل غالٍ ونفيس، متغلباً على كافة الصعوبات والتحديات، متسلحاً بالإرادة والعزيمة، حتى ازداد الاتحاد قوة وصلابة ورسوخاً، وأصبح نموذجاً يُحتذى به، بحكمته وبعد نظره وتغليبه للمصالح العليا، وكان لذلك أكبر الأثر على أبناء المنطقة.

فقد ساهم الاتحاد في نقلهم من الفقر والضعف والشقاء إلى الرخاء والقوة والسعادة، وشقَّت الدولة الجديدة طريقها بتميز، لتصبح في غضون فترة قليلة دولة من أحدث دول العالم تطوراً، يشار إليها بالبنان، ويقصدها الناس من كل مكان، إن من يبني مثل هذا الاتحاد الفريد ويقيم دولة من أرقى دول العالم يستحق بجدارة أن يكون فخراً للحضارة، وشتان شتان بين هذه الشخصية الفذة التي تدعو إلى التلاحم والتراحم وتجمع القلوب وتوحد الصفوف وتنشر المحبة والتسامح والسلام فتكون فخراً للأنام وبين من يمزق الدول ويفرق المجتمعات وينشر الكراهية والتطرف والإرهاب، ثم يرمي بالإثم والبهتان صانع تلك الأمجاد!! لا يستويان مثلاً.

إن زايد الخير فخر الحضارة والإنسانية، لأنه رجلُ بذلٍ وعطاء وإحسان، سخَّر نفسه لنشر السعادة بين البشر، وإسداء المعروف لهم، فالثروة عنده وسيلة لإسعاد الآخرين، فكم أعان محتاجاً، وفرَّج عن مكروب، ومسح دموع يتامى، وساهم في شفاء مرضى، وزرع الابتسامة على الشفاه، وكان بلسماً للمحتاجين والمنكوبين في كل مكان، حتى امتلأت القلوب بحبه، فأحبه القاصي والداني، ولا يذكره أحد إلا بالذكر الحسن والسيرة العطرة، لأن هذه كانت هي سيرته، وتلك كانت أياديه البيضاء، فهل يستوي من كانت هذه خصاله وتلك معاليه واقترن اسمه بالخير والإحسان ومن ينشر الخراب والدمار واقترن اسمه بالفتن والتطرف وإيذاء الآخرين؟! لا يستويان مثلاً.

وكان الشيخ زايد، رحمه الله، رجلَ مواقف وصاحب نخوة ونجدة وطموح وإنجاز، فقد كان يحمل هم وطنه وشعبه وأمته والإنسانية، وكان يسعى دائماً إلى ما فيه خير الجميع، باذلاً في ذلك كل ما يستطيع، فكم وقف مع الأشقاء في أزماتهم، ومع الأصدقاء في مشكلاتهم، وكم ساهم في تنمية دول، ومساعدة مجتمعات، حتى نشأت مدن ومستشفيات ومساجد ومدارس وجامعات تحمل اسمه في شتى بقاع الأرض، وكان داعية سلام ووئام، يسعى لإطفاء نيران الخلافات، ورأب الصدع وتقريب وجهات النظر بين الأشقاء، حتى لُقب بحكيم العرب، بسبب مواقفه التاريخية الخالدة.

وإذا ذهبنا نعدد صفات الشيخ زايد، طيب الله ثراه، فهي كثيرة جمة، تتدفق كالنهر السيَّال، فهو مثال للتواضع والحكمة والرحمة والتسامح والصبر والإرادة والإخلاص والحنكة، وهذه بعض خصاله وشيمه، فقد كان رجل مبادئ وقيم، زرع فحصد، غرس القيم الجميلة.

فحصد السمعة الطيبة، وأصبحت دولة الإمارات قيادة وشعباً تنعم بسمعتها الطيبة بين الدول والشعوب، وتمكنت القيادة الحكيمة من إحراز الإنجازات المتوالية على كافة المستويات، بفضل قيم زايد الخير، قيم التسامح والتعايش والتواصل، حتى حقق الجواز الإماراتي المركز الأول عالمياً، وأصبح المواطن الإماراتي محل تقدير واحترام أينما حلَّ، إن رجلاً حقق هذه الإنجازات لجدير بأن يكون فخراً للحضارة.

إن الشيخ زايد، رحمه الله، من الشخصيات الفذة التي أجمعت القلوب والعقول على محبته، والإقرار بحسن سيرته، وسمو أخلاقه، ونبل خصاله، شهد بذلك القادة والساسة والعلماء والحكماء والأدباء والمفكرون، واعترف بفضله الكبار والصغار والرجال والنساء والقريب والبعيد، وهو محل احترام وتقدير من الجميع على كافة المستويات المحلية والعربية والدولية، فمن ذا يجرؤ على النيل من هكذا جبل شامخ وقمة شاهقة؟! هل يفعل ذلك إلا موتور فقد رشده وصوابه؟!

لقد ارتحل الشيخ زايد، طيب الله ثراه، تاركاً القلوب تحمل محبته، والألسنة تلهج بالدعاء له، وأضحت قيمه مدرسة تُورَّث للأجيال، فهو بحق فخر الحضارة، ورمز التسامح والعطاء والريادة، وإن من يحاول المساس بهذه القامة الباسقة الشامخة يسقط من عيون العقلاء المنصفين، ويصبح محط سخريتهم، لأنه يضرب رأسه بجبل أشم، فيؤذي نفسه، ولا يضر الجبل في شيء، وقديما قيل: يا ناطح الجبل العالي لِيَكْلَمَهُ، أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل!!

 

 

Email