الفرصة مواتية للرياض

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط الأجواء التي تعيشها المملكة العربية السعودية، تسلمت الرياض درع عاصمة الإعلام العربي لعام «2018- 2019» بقرار مجلس وزراء الإعلام العرب في دورته العادية الـ49 الذي انعقد بمقر جامعة الدول العربية.

هذه المهمة التي تسلمتها الرياض جاءت في الزمان والمكان المناسبين. فهي تتزامن مع مرور 4 أعوام (هجرية) على تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم (3 ربيع الآخر 1436هـ الموافق 23 يناير 2015م).

أيضاً تتزامن مع إعلان المملكة أكبر ميزانية إنفاق في تاريخها بمبلغ يتجاوز تريليون ريال للعام المالي 2019م، ما يعكس قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، ونجاح الإجراءات والبرامج الحكومية في تنويع مصادر الإيرادات وتقليص الاعتماد على النفط؛ ومشاركة الصناديق التنموية وصندوق الاستثمارات العامة في الإنفاق الرأسمالي والاستثماري.

وسط كل هذا تقف الرياض عاصمة إسلامية كبرى لها نفوذ وتواجد أزعج قوى عديدة في الإقليم، وأربك حسابات عالمية وفي مقدمتها أميركا مثلما شاهدنا ما صدر عن مجلس الشيوخ، فضلاً عن التوسع الإيراني الذي يدفع بقوة ضد المملكة عبر مسارات علنية وأخرى خفية يشترك فيها قطر وتركيا.

وهنا يدفعنا كثيراً إلى ضرورة استثمار فترة تولي الرياض عاصمة الإعلام العربي ووضع أسس لإعلام عربي قوي. فالحرب الآن حرب إعلامية قبل أن تكون سياسية. الحصار إعلامي والتشويه والخداع إعلامي. ونشر الإرهاب وتسويق التطرف عبر الإعلام بمختلف أشكاله المرئي والمسموع والمقروء.

نعم نحن نحتاج إلى مشروع إعلامي كبير غير تقليدي يمثل رأس حربة المنطقة العربية لمواجهة الأكاذيب والمعلومات المغلوطة والتصدي لمحاولات الإعلام المضاد الذي يهدف إلى زعزعة المنطقة العربية التي لا تزال هدفاً رئيساً لبعض قوى التآمر والتخريب.

لا شك في أن الفرصة مواتية للرياض خلال هذا العام الذي تتولى فيه مهمة عاصمة الإعلام العربي فهي تشهد نهضة تنموية وإنجازات تاريخية على مختلف الأصعدة وبالتالي مؤهلة لأن تقود وتصنع مشروعاً إعلامياً عروبياً يحقق التواصل السياسي والاقتصادي والمجتمعي، ويعيد اللحمة من جديد.

ولا سيما أن المملكة تخطو بشكل ثابت نحو المزيد من الريادة والطموح وتحقيق التقدم المستمر في الإعلام الحديث الذي يواكب التطورات التكنولوجية والعملية، كما أن اختيار الرياض عاصمة الإعلام يرسخ نجاح رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهذا يتطلب من وزارة الإعلام السعودية أن يكون لديها استراتيجية حديثة، تعمل على تنفيذها لمواكبة ما يدور في العالم فضلاً عن ضرورة تفعيل إدارة التواصل الدولي بشكل أكبر مع معظم وسائل الإعلام الشهيرة عالمياً وجميع اللغات. والعمل بشكل مكثف على كافة الجوانب لتطوير التعاون العربي والعالمي، من أجل مواجهة التحديات والمخاطر.

كما أن هذه المهمة تتطلب من وزير الإعلام الدكتور عواد بن صالح العواد، البناء على ما توصل إليه اجتماع وزراء الإعلام العرب والانطلاق منه إلى أفق إعلامي أوسع يوفر الغطاء والحماية لسياسات الدول العربية فبطبيعة الحال السياسة دائماً تحتاج إلى إعلام قوي يخاطب الرأي العام بذكاء.

ولا سيما أن المواطن العربي يقع أسيراً لسيل من المعلومات التي تطلقها منصات إعلامية لجماعات إرهابية، هدفها النيل والإضرار بالأمن القومي العربي، وذلك بدعم من بعض الدويلات الصغيرة التي تدعم وتمول التخريب والفوضى، وبالتالي فإننا نحتاج إلى إعلام تنويري يبث الحقائق ويعمل على تصحيح المفاهيم ويقدم المعلومة الدقيقة وفقاً لميثاق إعلامي عربي ومرجعية نتمنى أن تكون الرياض سباقة في صياغته وإقراره مع جامعة الدول العربية.

 

 

Email