الانقسام الغربي في صالحنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

انهيار التحالفات الغربية العربية وانقلاب الحلفاء التاريخيين حدث حين سيطر تيار اليسار الليبرالي على الحكومات الأوروبية وأميركا وكندا، بعد أن مد نفوذه على الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، والأهم منذ أن سيطر على مراكز ومطابخ صنع القرار.

فهذا التيار لم يكن ليجرؤ أحد على مواجهته في تلك الدول إلى وقت قريب، باعتباره يملك وسائل الإعلام ويسيطر سيطرة تامة على توجيه الرأي العام، ولكن صعود تيار المحافظين وشجاعته في مواجهته وأبرز مؤشراته ترشيح ترامب وفوزه أحد العوامل التي فتحت ثغرة لم يكن ليجرؤ أحد على جدال أفكارهم فيها كما فعل هو، وكما تفعل ماري لوبان في فرنسا رغم اتهامها بالعنصرية إلا أنها هاجمت ما يسمى بأممية المبادئ والقيم الإنسانية، ودعت إلى الاهتمام بالقومية المحلية، تلك ليست شعبوية كما يسمونها بل وطنية.

هذا الاتجاه المعاكس الذي يجب أن نرتكز عليه في إعادة الأمور لنصابها بيننا في الدول العربية وبينهم، هذا التيار الوطني بدا ينتشر في أوروبا كما انتشر في أميركا ورفع صوته، ويحث الحكومات على العناية بالمصلحة المحلية أولاً ووضعها فوق اعتبارات نشر قيمه عالمياً بأدوات ضغط تضر مصالحه القومية والتجارية، هذا التيار يتفق مع مصالحنا، وهو ما يجب أن يدعم.

ليس فقط من خلال رموزه كأشخاص حزبيين، بل من خلال التغلغل إلى مطابخ القرار الغربي لخلق حلفاء محليين لنا هناك، بدعم مراكز البحوث وبيوت الاستشارات والدراسات والجامعات ووسائل الإعلام المؤيدة لأفكاره، نحن بحاجة إلى تفكيك صخرة اليسار الليبرالي الساذجة التي تظن أنها (القدر) المسؤول عن إصلاح الكون بالريموت كونترول الغربي، وعن طريق الورق ومقاعد الدراسة عن بعد.

قناعات الغرب بدأت تهتز وتتبدل أولوياته حين تعرضت قيمهم للامتحان، فكاميرون هو الذي قال لا تحدثني عن حقوق الإنسان حين يتعرض الأمن للخطر، وها هي فرنسا تذوق من الكأس ذاتها.

ما يساعدنا أن التيار اليساري حصلت له هزة داخلية حين اضطر أن يواجه الفوضى الأمنية محلياً داخل عقر داره، فتعرضت قيمه التي يريد أن يفرضها على الآخرين بالقوة إلى امتحان صعب كشف خطأها وضعف منطقها وهشاشتها وازدواجيتها.

فالاضطرابات الأمنية التي حدثت في الولايات المتحدة الأميركية وفي فرنسا وفي بريطانيا قبلها اضطرته أن يضع كل شعاراته داخل الدرج، وينزل إلى أرض الواقع ويواجهها من خلال القوة والقوة المفرطة أيضاً، إن استدعى الأمر، فكشفت تلك الازدواجية ضعف المنطق والحجة التي طالما ظن أنه لن يضطر لامتحانها داخلياً، فسقط ورسب في أول امتحان حقيقي لها.

الفرصة مواتية وتلك الدول تعيش رعباً وخوفاً من الغول الشرقي المهاجم الذي يقتحم الأسواق وبأرخص الأسعار، بل وبوقت تسليم أسرع في ظل تراجع اقتصاداتها وزيادة البطالة وتضخم الأسعار وأزمة اللاجئين!.

اليسار الغبي يهددنا بوقف بيع الأسلحة، وكأنه لا يرى البدائل منتشرة على قارعة الطريق دون شروط ومع احترام حق السيادة الوطنية، وهو ما عبر عنه ترامب بشكل واضح وسليم، وهو ما حرك اليمين المحافظ في تلك الدول الغربية لرفع أصواتهم وحث الأحزاب على الالتفات إلى المصالح الوطنية التي ستتأثر نتيجة هذه السياسة الغبية.

الانقسام الغربي في صالحنا، علينا أن نتحرك لدعم هذه الأصوات، ولفتح ثغرات في حائط اليسار والوصول للرأي العام الغربي وكسب مزيد من الحلفاء.

 

 

Email