نعمة الاتحاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

أنعم الله تعالى على دولة الإمارات بنعمة عظيمة، وهي نعمة الاتحاد، الذي انبثق فجره الساطع في الثاني من ديسمبر 1971، وارتفع معه علم دولة الإمارات ليرفرف عالياً خفاقاً في سماء المجد والعز، وخلَّد التاريخ في صفحاته المشرقة، جهود الآباء المؤسسين الذين سطَّروا هذا الاتحاد العظيم، الذي على إثره توالت مسيرة الإنجازات، حتى تحققت في زمن قياسي منجزات، هي كالمعجزات، وتغيرت ملامح هذه الأرض، فاكتست بالخضرة، وعمَّت النهضة العمرانية والتنموية كل مكان، وسطعت نجوم المؤسسات التعليمية والصحية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وحَفَل سجل دولة الإمارات بالإنجازات الداخلية والخارجية على كافة الأصعدة، وفي مختلف الميادين، حتى أصبحت مقصد السائحين والزائرين والمقيمين من كل صقع من أصقاع الأرض، يتوافدون عليها، ليتمتعوا بالحياة الكريمة في ظل أمن واستقرار ورخاء وازدهار، قل لها نظير، وأصبح الشعب الإماراتي من أسعد شعوب العالم، ولا تزال الإنجازات تتدفق كالنهر الجاري، حتى حقق جواز السفر الإماراتي المرتبة الأولى عالمياً في فترة يسيرة جداً، ضمن مسيرة إنجازات مستمرة دون توقف.

إن هذه الإنجازات الباهرة، توجِب علينا المحافظة على نعمة الاتحاد، ليدوم لنا، ويبقى معينُه الزلال يتدفق، لننهل منه وتنهل منه الأجيال، ومن الوسائل المعينة على ذلك، تقدير جهود الآباء المؤسسين، فهم الذين غرسوا هذه البذرة، حتى نمت الشجرة، وأصبحنا نقطف ثمارها، ومن حقوقهم علينا، العرفان بجميلهم، والتذكير بسيرهم وإنجازاتهم، والاقتداء بصفاتهم النبيلة، وتربية النشء عليها، من صدق وإخلاص وصبر وحكمة ورحمة وتضحية وعطاء ووفاء، وتغليب المصالح العليا، وبعد نظر، وعمل دؤوب وغيرها، فهم مدرسة إنسانية زاخرة بالقيم والشيم.

ومن أهم ما نحافظ به على نعمة الاتحاد، الولاء لقيادتنا الحكيمة، التي تقود سفينة الوطن بكل أمانة وتميز، وتحافظ على دعائم وحدته واستقراره، والوقوف معها صفاً واحداً في كل الظروف والمواقف، وتلبية ندائها، ومؤازرتها في رؤاها المستنيرة لنهضة الوطن وتطوره ورفعته، وأن نحافظ على مؤسساتنا الوطنية، ونسهم في رقيها وازدهارها، ونقدم لها المقترحات المثلى، ونؤدي واجبنا الوظيفي بأمانة وإبداع وابتكار، كي تصل مؤسساتنا إلى مصاف المؤسسات الرائدة عالمياً، وأن نقدر مؤسساتنا الأمنية والشرطية، ونشيد بها، ونقدّر تضحيات رجال الأمن الساهرين على مصلحة الوطن، وجنودنا البواسل، وجيشنا الأبي، وشهدائنا الأبرار، الذين هم تيجان فخر وعز، وكواكب مضيئة خالدة في سماء وطننا المعطاء.

ومن ذلك كذلك، أن نحافظ على قيمنا الوسطية المعتدلة، قيم زايد الخير، ونتمسك بأصالتنا وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، مع الانفتاح على العالم، والاستفادة من التجارب الناجحة والآراء السديدة، ومد يد التعاون مع الشعوب والحضارات الأخرى، على ما فيه خيرنا وخيرهم، لنكون مؤثرين في مسيرة الحضارة، ونكون نموذجاً يحتذي به الآخرون، وأن نكون كذلك خير سفراء لوطننا، أينما كنا، بتعزيز الثقافة الإيجابية والسلوك الجميل، سواء في الداخل أو الخارج، أو في منصات التواصل الاجتماعي، أو في وسائل الإعلام، أو في أروقة الفكر والثقافة والأدب، أو في منابر الخطاب الديني أو غيرها، وأن نحذر كل الحذر من الثقافات السلبية، والأجندات الدخيلة والمصالح الضيقة، والأفكار الحزبية والمتطرفة، وكل ما من شأنه إحداث الفرقة وتمزيق الصف، وتوليد الكراهية والأحقاد، وإعطاء صورة سلبية عن وطننا ومجتمعنا.

ومن طرق المحافظة على الاتحاد، أن نذكّر أنفسنا وأبناءنا بماضينا، وكيف عاش أجدادنا، وما قاسوه من ظروف صعبة ومحن عصيبة، حتى جاء الاتحاد بأنواره الساطعة، فأحدث تغييراً نوعياً شاملاً في كل مجال، وعم الخير والرخاء والازدهار في كل مكان، وأصبحت حياتنا مفعمة بالسعادة والإبداع والابتكار والريادة، وأن ننتبه إلى ألاعيب أهل الفتن، الذين يهدفون إلى صرف أعين الناس وقلوبهم عما هم فيه من النعم، لينعدم إحساسهم بها، فيصبحوا طُعماً سهلاً لهم ولمآربهم، والله تعالى امتنَّ على عباده بقوله: {الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}، فذكَّرَ الله عباده بنعمة الرخاء والاستقرار، ليشكروه عليها ويحفظوها.

ومن ذلك أيضاً، أن نعتبر بأحوال غيرنا، وما نالهم من محن وتقتيل وتشريد وتهجير ومرض وفقر وخوف ودمار، عندما فرَّط بعضهم في نعمة الأمن والاستقرار، حتى أصبحوا حديث العالم، يبكيهم القاصي قبل الداني، والبعيد قبل القريب، فلا ندع فرصة لأحد ليفسد علينا اتحادنا، بل نكون يداً واحدة في صد الفتن، والوقوف ضد كل من تسوِّل له نفسه المساس بأمننا الوطني وسلمنا الاجتماعي.

إن اتحادنا المبارك، أضحى بفضل الله تعالى نموذجاً مشرقاً يُحتذى به، وهو صفحة مجيدة خالدة من صفحات التاريخ، ولقد أكد آباؤنا المؤسسون وقيادتنا الحكيمة، على أهمية المحافظة على نعمة الاتحاد، والحرص على ديمومته، حيث قال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: «لقد كان قيام هذا الاتحاد، من أعز أمانينا، والآن، فإن تقوية الاتحاد والمحافظة عليه، من أسمى الأهداف التي نحرص عليها».

 

 

Email