سوريا وسيناريو انتهاء الحرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع التوقع بقرب انتهاء الحرب السورية، أوضح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يريد الخروج من سوريا، لكنه اشترط بصورة أساسية انسحاب القوات الإيرانية، للتوصل إلى اتفاق سلام هناك، قائلاً: إنه يتعين استخدام النفوذ الأميركي للتأثير على العلاقات مع روسيا والميليشيات الكردية الحليفة لواشنطن.

في مايو الماضي قصفت الطائرات الإسرائيلية 70 موقعاً عسكرياً إيرانياً في سوريا، بما في ذلك القاعدة الواقعة جنوب دمشق، التي تدعي أن الصواريخ أطلقت منها.

في تلك الأيام بدا وكأن الحرب بين إسرائيل وإيران أمر لا مفر منه، بعد أن ظلت جبهة الجولان هادئة لأمد طويل، لكن على الرغم من كل الصخب والتصريحات الإيرانية الصاخبة كالعادة ضد إسرائيل بالتحديد، والتي لم تسفر عن أي شيء من قبل، ولم يحدث أي صدام مباشر بينهما، وكأن المسألة في كلا البلدين تستخدم فقط للترويج السياسي، وروج البعض في إسرائيل إلى أن حرب الصواريخ القادمة ستكون على نطاق لم يسبق له مثيل.

لقد أثير شبح الحرب بين إسرائيل وإيران والمشكلة المعقدة للوجود الإيراني في سوريا مرة أخرى مؤخراً خلال زيارة قام بها جون بولتون، مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب إلى القدس.

إيران التي تدخلت للمرة الأولى لدعم الرئيس الأسد في 2013، تقوم بإنشاء بنية تحتية عسكرية في سوريا، وهناك، ما يقدر بنحو ثمانين ألفاً من المقاتلين الإيرانيين في سوريا، بما في ذلك كادر أساسي من 3000 فرد من الحرس الثوري، إضافة إلى الآلاف من مقاتلي حزب الله وغيرهم من الميليشيات، مثل هذه الأعداد من القوات الإيرانية لا يمكن أن تخرج من سوريا بين ليلة وضحاها، ولا حتى بعد انتهاء الحرب وتحقيق السلام، وإيران ذهبت إلى سوريا لتبقى فيها، لأنها تعتبرها منطقة نفوذ وهيمنة لها.

وقد جعل بولتون انسحاب هذه القوات من سوريا «شرطاً أساسياً» للتوصل إلى اتفاق سلام مع النظام السوري، بعد أن أصبح من المفترض بشكل عام أن المعارضين لن يفوزوا في الحرب بعدما تخلت عنهم أميركا.

وقال بولتون إنه حتى موسكو، الحليف الأكبر لإيران في سوريا، تريد «الانسحاب الكامل للقوات الإيرانية النظامية وغير النظامية» إلى إيران.

ويعتقد المحللون أنه إذا لم يستطع الروس إخراج الإيرانيين من سوريا، والولايات المتحدة لا تستطيع فعل ذلك أيضاً، فإن إسرائيل ستضطر إلى التعامل مع هذا الأمر بمفردها من خلال الحرب.

واعترف بولتون بأن الوضع صعب، وبعد ذلك بيوم، التقى نظراءه الروس في جنيف، لكنه لم يعرض أي خطة بعد.

وفي ما يبدو أنه لا أحد يريد الحرب، فإن الجميع لا يستطيع زحزحة الأمور في هذا الصراع الفوضوي، وروسيا مضطرة لتحمل الوجود الإيراني في سوريا، ولو إلى حين. وتركيا لم تبدِ أية اعتراضات على ذلك نظراً لمصالحها مع إيران.

لقد استثمرت إيران، من أجل مصالحها الاستراتيجية، كمية هائلة من السلاح والبشر والمال لإبقاء الأسد في السلطة والاحتفاظ بنظامه في سوريا، لأنه الضمانة الوحيدة لبقاء نفوذها هناك، ومن غير المرجح أن تسمح طهران بمغادرة قواتها سوريا، حتى لو واجهت ضغوطاً داخلية هائلة.

وتغيير النظام الإيراني ليس سياسة الولايات المتحدة، كما يقول كبير مساعدي ترامب، وبالنسبة للنظام الإيراني، فإن الوجود العسكري في سوريا يخدم مصالحه الإقليمية، ويدعم طموحاته لنشر نفوذه في المنطقة، ويوفر دعماً وممراً حيوياً لحلفائه من ميليشيا حزب الله في لبنان.

بالنسبة لإسرائيل فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في الضغط على روسيا ومنعها من عدم تزويد سوريا بنظام متطور مضاد للطائرات من طراز S300 يمكن أن يعوق طلعات جوية مستقبلية. كما أقنعت موسكو القوات الإيرانية في سوريا بالانسحاب إلى ما لا يقل عن 85 كم من الحدود الإسرائيلية.

ورغم أن هذا لا يزال على مسافة قريبة من إسرائيل، إلا أنه لا توجد تهديدات واقعية تنذر بصدام، ولا يتوقع أحد أن يتجاوز الأمر أكثر من تصريحات وتهديدات فارغة من جانب إيران يقابلها ردود مماثلة من إسرائيل.

 

 

Email