عنجهية إسرائيلية

ت + ت - الحجم الطبيعي

درجت بعض وسائل الإعلام، على ترديد مصطلحات وسائل الإعلام الأجنبية، بالحرف، دونما البحث في مدى صحتها، وكذلك عن هدفها البعيد.. فقد أدهشني مؤخراً، على سبيل المثال، وصف التنظيمات الإرهابية، كداعش والنصرة وغيرهما، بالـ «جهاديين!؟»، رغم أن ذكرهم يأتي دائماً في معرض الإشارة إلى جرائمهم الإرهابية، والتي يروح ضحيتها عشرات، وأحياناً مئات المدنيين الأبرياء..

وعلى سبيل المثال لا الحصر، نردد خلف وسائل الإعلام الغربية، وصفهم للجيش الإسرائيلي بجيش «الدفاع الإسرائيلي»، ولفلسطينيي الأرض المحتلة بـ «عرب إسرائيل»، مع ملاحظة أن الأمة العربية توزعت الآن على أقطارها، وبرزت النزعة الوطنية لكل قطر على حدة، وظل فلسطينيو الأرض المحتلة هم «عرب فلسطين»، الذين تتجنب دولة الاحتلال الإشارة إليهم بهويتهم الوطنية.

حيث تصيبها كلمة فلسطيني بحساسية هيستيرية.. ومن أخطر ما روجته الدعاية الصهيونية، وصف «التطبيع»، في الإشارة إلى علاقات الدولة الصهيونية، مهما فعلت بالدول العربية، وانطلقت كلمة التطبيع، على إثر اتفاقات كامب ديفيد، والصلح بين مصر وإسرائيل...

ويبدو جلياً للمراقب أن تل أبيب واصلت سياساتها العدوانية التوسعية، على حساب الحقوق والأراضي العربية، بوتيرة أسرع مما كان قبل اتفاقيات كامب ديفيد، وهي ماضية في نفس السياسة التوسعية، بزيادة المستوطنات بأضعاف ما كان إبان حرب الاستنزاف المجيدة، وهي تستقوي بالولايات المتحدة الأميركية علناً، وعلى رؤوس الأشهاد، وآخر تجليات هذه السياسة العدائية العدوانية، إعلان القدس المحتلة عاصمة للدولة اليهودية.

وكأن فلسطين خالية من المسلمين والمسيحيين، وكذلك كأن ليس للعرب عموماً أي حقوق، مع العلم بأنه بالمدينة المقدسة، أحد أهم وأقدس الرموز الإسلامية، وهو المسجد الأقصى، وكذلك أحد أهم وأقدس الرموز المسيحية، وهي كنيسة القيامة. إسرائيل أعلنت مؤخراً، أنها ستضم الجولان السورية المحتلة إلى سيادتها، وكأننا في غابة، تسيطر عليها الدولة النووية، التي كانت تعتبر أطفال الحجارة، إرهابيين، وسجل الاعتداءات والجرائم الإسرائيلية يحتاج إلى آلاف الصفحات.

والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هو: كيف يكون شعور مواطن يُطرد من بيته، ويلقى به وأسرته في عرض الطريق؟ ما شعور أي إنسان طبيعي في العالم يتعرض لمثل هذه الجرائم؟ هل يفتح قلبه لمثل هذه الدولة، أم أن رد الفعل «الطبيعي»، هو كراهيتها ومحاولة التصدي لجرائمها؟ ه

ل لو كان أحد في موقع من فقدوا فلذات أكبادهم على الجبهات العربية في الحروب مع إسرائيل، أو بين أطفال مدرسة بحر البقر المصرية، أو بين العمال المصريين في مصنع أبو زعبل، هل كان سيهرع إلى احتضان المعتدين، وتقبيل وجناتهم، حتى لا يوصف «بالجهل» من قبل جهابذة الفلسفة السياسية، التي أقل ما يقال إنها تجافي المنطق، وتتعارض مع الوجدان الوطني؟

لا شك أن كثيرين توهموا أن إسرائيل، وقد عقدت صلحاً مع أكبر دولة عربية، ستحترم هذا الصلح، وتغير من سلوكها العدواني بسلوك دولة تحترم القوانين الدولية، وحقوق دول المنطقة. غير أن الدولة التي قامت على أنقاض جزء لا يتجزأ من الأراضي العربية، وخاصة الفلسطينية، لا تزال بنفس المنطق العدواني.

وقد تحدث رئيس حكومتها نتنياهو، بغِلّ أسود وعنجهية مقيتة في ذكري حرب أكتوبر قائلاً، إن إسرائيل لن تسمح بتكرار ما حدث، أي أن نتنياهو، إذا لا قدر الله واحتل أرضاً، فهو لن يسمح بتحريرها؟! ولم يتأخر رد مصر، حيث أكد القائد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن جيش مصر، لن يسمح لأي دولة مارقة بالعدوان على الوطن، وسيكون «أكتوبر» في انتظار أي مغرور، وكل معتدٍ.

*

 

 

Email