«تحالف الأديان» فكرة إماراتية للإنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

دولة الإمارات، كعادتها، تقدمت بخطوة حضارية وعملية تظهر فيها القيم الإنسانية الرفيعة التي تتعامل بها في التعبير عن رغبتها في حماية الطفل وبالتالي فإنها تخدم مستقبل الإنسانية في العالم .

وذلك عندما قررت استضافة 450 شخصاً من مختلف الأديان بالعالم في «ملتقى تحالف الأديان لأمن المجتمعات: كرامة الطفل في العالم الرقمي» الذي اختتم أعماله أمس في أبوظبي.

إن استضافة رجال الدين باختلاف معتقداتهم هي طريقة مثالية في مناقشة قضايا إنسانية باتت تمثل تهديداً كبيراً على المجتمع خاصة وأنهم يمثلون القوة الناعمة والفاعلة في القناعات الفردية، والاستضافة المتنوعة هي تأكيد عقلاني لمساعي دولة الإمارات في خدمة القيم الإنسانية التي تركها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة.

لذلك فإن فكرة دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الجانب تحتاج من الرأي العام العالمي وخاصة من المؤسسات الدينية ومن رجال الدين بمختلف معتقداتها الكثير من التأييد والدعم لسببين اثنين، السبب الأول: أن المشكلة تخص كل المجتمعات في العالم بلا استثناء وتعاني منها، خاصة وأن إفرازات استغلال الأطفال إلكترونياً آثارها مدمرة في الكثير من الأحيان.

والسبب الثاني: أن دولة الإمارات انطلقت من قوة روحية تمثل أساساً لأي تشريعات مدنية أخرى، وبالتالي فحجم التأثير يفترض أن يكون كبيراً والأكثر قوة.

أعتبر أن قدرة الاستضافة الإماراتية هذه هي أحد المشروعات الإنسانية الكبيرة التي تضاف للدولة التي ينبغي أن يتباهى بها الإماراتيون وغيرهم من محبي القيم الإنسانية الرفيعة بغض النظر عن انتماءاته العقائدية، خاصة وأن الكل يعاني من إفرازات التراجع والتردد عن مواجهة مثيري الفوضى والقلق في المجتمعات المسالمة.

وبالتالي كانت النتيجة التطرف والإرهاب والخوف، لأن هناك افتراضاً، أتمنى أن يكون خيالياً وغير صحيح، أن التواصل الالكتروني يوفر مساحة للمتطرفين ليس فقط من أجل تجنيد الأطفال وإنما لتشويه صورة الآخر أمام الرأي العام العالمي، وهذا خطره أكبر وأعمق لأن يجعل من الأزمات الإنسانية مستمرة وأزلية.

السيطرة على الأطفال تعني امتلاك العقل والمساعدة في حماية المجتمعات من حملات الكراهية ضد الآخر أيا كان، والحفاظ على الطفل هي المعادلة الأصعب في مسألة التسامح الإنساني والتعايش بين الأديان والمذاهب، وعندما يتم اتباع منهج الإمارات القائم على التحاور بدلاً من التصارع فإن هذا اعتراف بأنها الطريقة المثلى في التقريب بين الحضارات والثقافات المختلفة

لأن المقابل هو المعاناة وانفلات التفكير وبالتالي فهذه الطريقة المناسبة في مواجهة من يبحثون التفريق بين البشرية وفق التجارب الإنسانية السابقة.

أظن أن الإمارات بتصرفها، هذا، اختارت التقدم إلى الإنسانية بحل من خارج الصندوق بالتفكير الإيجابي وابتكار نهج جديد في التقريب بين الحضارات والاختلافات من خلال القيم المشتركة وهي خطوة نظرياً تبدو صغيرة، لكنها تؤسس لمستقبل كبير سوف ترى الأجيال القادمة ثمارها.

لا يمكن نسيان ما يحمله «إرث زايد» من قيم إنسانية تتجاوز المنطقة الجغرافية وتحفّز على التعايش وفي قناعتي الشخصية أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، أحدث ثورة إنسانية في تاريخ البشرية عندما استطاع أن يغير الكثير من الأفكار الكفيلة بعدم التجاور وليس الاشتراك في القيم، المطلوب أن نقتنع بأن رغم الاختلاف في المعتقدات يمكننا أن نعيش ونشترك في عالم واحد متسالم.

العنف ضد الطفل قد يتسبب في تدمير البشرية وحمايته بلا شك سيقلل من حجم الأضرار والخسائر، كثير من قضايانا نعتقدها اختلافات جوهرية ولكن لو بحثنا فيها سنجد أن بعض رجال الدين وتدخلهم في الشؤون السياسية هو السبب الأكبر فيها، ونجد أيضاً أن لغة التحاور والرغبة في التفاهم غير موجودة، ولهذا أعتقد أن ما يفعله «ملتقى تحالف الأديان» الذي انتهى أمس من أجل هذين الهدفين.

 

 

 

Email