المعادلات الصعبة في الأزمة الليبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل نجح مؤتمر باليرمو الدولي الذي عقد برعاية الأمم المتحدة والحكومة الإيطالية في وضع الأزمة الليبية على أعتاب مرحلة حل الأزمة بعد كل هذه السنوات؟!

هذا هو السؤال المطروح الآن بعد أن اختتم المؤتمر الدولي أعماله في مدينة باليرمو الإيطالية بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعدد من رؤساء الدول ووفود دول عديدة معنية بالأزمة الليبية لإيجاد مخرج لتلك الأزمة المتفاقمة منذ أكثر من 7 سنوات.

أعتقد أنه إذا كان المؤتمر قد نجح في تجميع الفرقاء الليبيين، وتأكيد الوفود المشاركة احترامهم الخطط الأممية الرامية إلى إيجاد حل للأزمة الليبية وخاصة اتفاق الصخيرات، وخطة المبعوث الأممى غسان سلامة، إلا أن كل هذه الجهود تظل خطوة تحتاج إلى استكمال في طريق طويل وممتد حتى يمكن الخروج من النفق المظلم الذي وقعت فيه ليبيا منذ 7 سنوات.

منذ ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومصر لديها رؤية ثابتة وواضحة بضرورة توحيد الجيش الليبي ودعمه من أجل بسط نفوذه على كامل الأراضي الليبية، ورفض كل الجماعات والميليشيات المسلحة، وإطلاق عملية سياسية قائمة على دعم اتفاق الصخيرات وخطة المبعوث الأممى غسان سلامة.

سألت السفير بسام راضي عن مدى نجاح قمة باليرمو في حل الأزمة الليبية؟

أجاب: باليرمو خطوة في إطار الجهود الدولية التي تساندها مصر لحل الأزمة الليبية لكنها تحتاج إلى خطوات أخرى كثيرة من أجل إنهاء الأزمة الليبية المعقدة والممتدة منذ أكثر من سبع سنوات، وأضاف: مصر تهتم بالأزمة الليبية باعتبارها جزءاً أساسياً واستراتيجياً من الأمن القومي المصري، فلدينا حدود مع ليبيا تمتد لأكثر من 1200 كيلو متر، مما يحمل الدولة المصرية أعباء باهظة التكاليف لتأمين تلك الحدود، مشيراً إلى أن الحدود بين أي دولتين تقوم الدولتان بتأمينها، لكن في الحالة الليبية، مصر هي فقط من تقوم بتأمين الحدود نظراً للأوضاع الحالية في ليبيا، وهذا يتطلب جهداً كبيراً من الجيش المصري في مراقبة تلك الحدود الطويلة والممتدة، وقد اعترف العالم كله بما تقوم به مصر من جهد كبير في هذا المجال، ما انعكس على الحد من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وأيضا أسهم في منع وصول العديد من الجماعات الإرهابية إلى ليبيا بعد أن فرت من دول النزاع الأخرى مثل سوريا والعراق.

وأضاف السفير بسام راضي قائلاً: نجحت قمة باليرمو في عقد قمة بين المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي، ورئيس الوزراء فايز السراج، وهو اللقاء الأول لهما منذ فترة طويلة، وأحدث نوعاً من التقارب والتفاهم فيما بينهما بما يعزز فرص الحوار والتسوية.

أيضا فقد أكدت القمة أهمية الدور المصري في حل الأزمة الليبية، وتقدير المجتمع الدولي كله وخصوصاً إيطاليا لرؤية مصر في حل هذه الأزمة، حيث تتمسك مصر بضرورة توحيد الجيش الليبي ودعمه، وعدم الالتفات إلى الجماعات والميليشيات المسلحة، لأن دولة المؤسسات هي الضامن الرئيسي لنجاح أي تسوية مستقبلية خاصة إذا كنا نتحدث عن انتخابات وإجراءات دستورية وقانونية، فهذا يحتاج إلى ضرورة توفير الأمن اللازم لتنفيذ تلك الاستحقاقات، ولن يتم ذلك إلا بجيش موحد وقوي قادر على حماية الشعب الليبي، مشيراً إلى أن مصر تتعامل مع الشعب الليبي على أساس مبدأ المواطنة للجميع بعيداً عن التصنيفات الدينية والجغرافية والقبلية، وهو شعب عربي شقيق وجار، آن الأوان لكي يتخلص من كابوس الفوضى والمعاناة التي يعيشها.

وأوضح أن مصر تتمسك برؤية المسار السياسي الواحد للأزمة الليبية بما لا يفتح الباب أمام مسارات موازية أخرى، بعيداً عن المبادئ الأممية التي تم إقرارها.

لا بد أن تتجاوز إيطاليا وفرنسا خلافاتهما بشأن رؤية حل الأزمة الليبية بعد أن قطعا شوطاً لا بأس به في هذا المجال، والتوافق على الرؤية المصرية بشأن توحيد الجيش الليبي ودعم مؤسسات الدولة الوطنية من أجل التمهيد لإجراء الاستحقاقات السياسية والدستورية المتوافقة مع اتفاق الصخيرات وخطة المبعوث الأممي غسان سلامة.

استمرار الوضع الحالي أمر غير مبرر أو معقول لأنه يسهم في تقوية الجماعات المسلحة والإرهابية غير الشرعية.

أتمنى أن تكون قمة باليرمو خطوة في الاتجاه الصحيح تعقبها خطوات أخرى سريعة وجادة لإنقاذ ليبيا من مأزقها الحالي، ووضع النقاط على الحروف لعودة الدولة الليبية قوية موحدة تحمي مواطنيها في الداخل وحدودها ضد مخاطر نزوح الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تحاول التسلل إليها في جنح الظلام والفوضى.

Email