آفاق السلام الجديدة في أفغانستان

ت + ت - الحجم الطبيعي

للمرة الأولى، يمثل عضو من حركة طالبان، جزءاً من وفد الحكومة الأفغانية في مؤتمر دولي رفيع المستوى للسلام في موسكو. كما يحضر المؤتمر ممثلون عن 11 دولة، بما في ذلك الصين والهند وباكستان وإيران.

وعلى الرغم من رفض طالبان والحكومة الأفغانية، المفاوضات المباشرة، إلا أن الاجتماع في موسكو لا يزال ذا مغزى، ويعد علامة بارزة في عملية السلام في أفغانستان منذ عام 2001، عندما أطاحت القوات الدولية، بقيادة الولايات المتحدة، بحكومة طالبان

. وترفض حركة طالبان منذ سنوات، الاعتراف بشرعية الحكومة في كابول، ودعت إلى إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة، بدلاً من أفغانستان، التي تعتبر أن واشنطن تسيطر على سياساتها الداخلية والخارجية.

وعلى الرغم من أن نفوذ حركة طالبان في أفغانستان، قد ازداد بشكل ملحوظ، منذ انسحاب القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة من أفغانستان في عام 2014، إلا أنه من غير المحتمل، أن تتمكن الحركة من الإطاحة بالحكومة الحالية في المستقبل القريب، بالنظر إلى هيكلها الداخلي الضعيف والهش، إضافة إلى الدعم القوي الذي تحظى به الحكومة الأفغانية من المجتمع الدولي.

وفي الوقت نفسه، أصبح صعود تنظيم داعش في أفغانستان، تهديداً مشتركاً خطراً لكل من الحكومة الأفغانية وطالبان. ويعتبر التنظيم طالبان وحكومة أفغانستان، عدواً حيوياً، وقد وسّع نطاق نشاطه في جنوبي وشرقي أفغانستان، لا سيما في إقليم ننكرهار المجاور لكابول. لذلك، من الضروري أن تتوصل الحكومة وطالبان إلى إجماع سياسي، وأن تحارب هذا العدو المشترك.

ولهذا السبب، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، خلال استضافة ذلك الاجتماع في موسكو، أن تنظيم داعش أراد «تحويل أفغانستان إلى نقطة انطلاق، لتوسعه في آسيا الوسطى». كما بدأت طالبان اتصالات سرية مع كل من واشنطن والحكومة الأفغانية. في يونيو الماضي، وبعد أشهر من المفاوضات، توصلت والحكومة الأفغانية إلى وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام.

وفي يوليو، بدأ مسؤولو طالبان اجتماعات سرية مع نظرائهم الأميركيين. وبعد ثلاثة أشهر، وفي إطار المصالحة مع الولايات المتحدة، أفرجت الحكومة الباكستانية عن الملا عبد الغني بارادار، الذي كان الرجل الثاني في قيادة الزعيم الطالباني الراحل الملا عمر.

وكان محتجزاً لمدة ثماني سنوات. وقد أيد إجراء المحادثات مع الحكومة الأفغانية. وتم تفسير هذه الخطوة، كفرصة لعملية السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العقبات أمام تحقيق اختراقات كبيرة في عملية السلام بين طالبان وكابول، وذلك للأسباب التالية:

أولاً، هناك عدم ثقة متبادل بين الطرفين. وشددت طالبان على أنها لن تحضر أي محادثات مباشرة مع الحكومة الأفغانية، وتعتبر أنها «دمية» بيد أميركا. بينما تؤكد كابول أنه ينبغي ترتيب المفاوضات من قبلها، وليس روسيا أو أي طرف ثالث آخر. وبالنظر إلى الائتلاف الهش داخل الحكومة الأفغانية، فإن هناك حاجة إلى بعض الوقت قبل إجراء أي محادثات مباشرة وذات مغزى بين الجانبين.

ثانياً، حتى إن كانت محادثات السلام المباشرة ستعقد، فلا يريد أي من الطرفين التخلي عن نفوذهما. لقد اكتسبت فكرة محادثات السلام زخماً، لكن الجانبين يريدان زيادة نفوذهما، والتحدث من موقف القوة في أي مفاوضات. ومع إجراء انتخابات رئاسية في أفغانستان في أبريل العام المقبل، قد تتصاعد أي اشتباكات عنيفة بين طالبان والحكومة الأفغانية، وتتحول إلى مواجهة عسكرية شاملة.

وتفشل في محادثات السلام. ثالثاً، تؤثر التوترات الدولية والإقليمية بين الولايات المتحدة وروسيا والهند وباكستان أيضاً في عملية السلام. لقد اتهمت الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة، روسيا وباكستان بدعم طالبان، في حين اتهمت موسكو وإسلام أباد، واشنطن بقصف مدنيين وقتلهم في عمليات عسكرية داخل أفغانستان.

وفي الوقت نفسه، قد يؤدي التنافس الجيولوجي بين الهند وباكستان أيضاً، إلى فرض تأثير سلبي على عملية السلام، نظراً لعلاقة الهند الوثيقة مع الحكومة الأفغانية، وعلاقات باكستان مع طالبان. لقد أيدت الصين مبدأ «الأفغاني يجب أن يقود أفغانستان».

ولعبت دوراً نشطاً في تسهيل عملية السلام في ذلك البلد. وتأمل الصين في العمل مع مختلف المنظمات الدولية، مثل منظمة شنغهاي للتعاون، ومع القوى العالمية والإقليمية، مثل الولايات المتحدة، وباكستان، والهند، وإيران، وروسيا، لتحفيز عملية السلام والاستقرار في أفغانستان.

* محلل صيني

Email